المغفرة والفضل ، ومن الشّيطان الفقر والفحشاء) (١). ووعد الشيطان وساوس وتخيّل ؛ أي يخيّل إليك أنّك إن أمسكت مالك استغنيت ، وإن تصدقت به افتقرت.
قوله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ ؛) اختلفوا في تفسير الحكمة ؛ قال ابن مسعود : (هي القرآن). وقال ابن عباس وقتادة : (علم ناسخ القرآن ومنسوخه ؛ ومحكمه ومتشابهه ؛ ومقدّمه ومؤخّره ؛ وحلاله وحرامه ؛ وأمثاله ؛ وغيره) (٢). وقال السديّ : (هي النّبوّة) (٣). وقال أبو العالية : (هي الفقه) (٤). وقال مجاهد وإبراهيم : (هي الإصابة والفهم) (٥). وقال الربيع (٦) : (هي خشية الله تعالى) (٧). وقال سهل بن عبد الله : (هي السّنّة). وقيل : هي سرعة الجواب مع إصابة الصواب ، والله أعلم.
وقوله تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) ؛ أي من يعط العلم فقد أعطي خيرا كثيرا يصل به إلى رحمة الله تعالى. قال بعض الحكماء : سمّى الله العلم خيرا كثيرا ، والدنيا متاعا قليلا ، فينبغي لمن أوتي العلم أن يعرف قدر نفسه ولا يتواضع لأصحاب الدنيا لدنياهم. وقال الحسن : (ومن يؤت الحكمة ؛ يعني الورع في دين الله).
قرأ الربيع : (تؤتي الحكمة ومن يؤت الحكمة) بالتاء ، وقرأ يعقوب : (ومن يؤت الحكمة) بكسر التاء ، أراد ومن يؤته الله ؛ فحذف الهاء.
قوله تعالى : (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢٦٩) ؛ وما يتّعظ إلا ذوو العقول ؛ واللّبّ من العقل ما صفي عن دواعي الهوى ، وسمّي العقل لبّا لأنه أنفس ما في الإنسان كما أن لبّ الثمرة أنفس ما فيها.
__________________
(١) رواه الطبري في جامع البيان : النص (٤٨٣٠).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٨٣٤) : عن ابن عباس رضي الله عنهما : «يعني المعرفة بالقرآن ... وذكره» ، وفي النص (٤٨٣٨) ؛ قال : «الفقه في القرآن».
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٨٤٥).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٨٣٦) ؛ قال : «الكتاب والفهم فيه».
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : النصوص (٤٨٣٩).
(٦) الربيع بن خيثم.
(٧) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٨٤٤).