تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ)(١). وقال ابن مسعود ومجاهد : (من حلال ما كسبتم من الأموال) دليله : (يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ)(٢) وقال عليهالسلام : [إنّ الله طيّب لا يحبّ إلّا الطّيّب ، لا يكسب عبد مالا من حرام فيتصدّق به فيقبل منه ؛ ولا ينفق فيبارك له فيه ، ولا يتركه خلفه إلّا كان زاده إلى النّار ، وإنّ الله لا يمحو السّيّء بالسّيّء ، ولكن يمحو السّيّء بالحسن ، وإنّ الخبيث لا يمحو الخبيث](٣).
وقوله تعالى : (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أي من أعشار الحبوب والثمار.
قوله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) ؛ أي لا تعمدوا إلى الرّديء من أموالكم منه تتصدقون ، ولستم بقابضيه وقابليه (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) ، يقول : لو كان لبعضكم على بعض حقّ فجاء بدون حقّه ، لم يأخذ منه إلا أن يتغامض له عن بعض حقّه ويتسامح عن عيب فيه ، فكيف تعطونه في الصدقة.
وقد روي في سبب نزول هذه الآية أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم حثّ النّاس على الصّدقة وقال : [إنّ الله في أموالكم حقّا](٤). فكان يأتي أهل الصّدقة بصدقاتهم فيضعونها في المسجد ، فيقسّمها رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهم ، فجاء رجل ذات يوم بعد ما تفرّق عامّة أهل المسجد بعذق من حشف فوضعه في الصّدقة ، فلمّا أبصره رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : [بئس ما صنع صاحب الحشف] فأمر به فعلّق ، فجعل كلّ من يراه يقول : بئس ما صنع صاحب الحشف ،
__________________
(١) آل عمران / ٩٢.
(٢) المؤمنون / ٥١.
(٣) الشطر الأول من الحديث ؛ أخرجه مسلم في الصحيح : كتاب الزكاة : باب قبول الصدقة من الكسب الطيب : الحديث (٦٥). وأصل الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ١ ص ٣٨٧ : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنّ الله قسّم بينكم أرزاقكم ، وإنّ الله عزوجل يعطي الدّنيا من يحبّ ومن لا يحبّ ، ولا يعطي الدّين ...].
(٤) من حديث ابن عباس ؛ أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٨١٨): «قال ابن عباس : يقول : وحقّي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسها».