يده فيها ويقلّبها ويقول : [ما يضرّ عثمان ماذا عمل بعد اليوم](١). وقال أبو سعيد الخدري : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم رافعا يديه يدعو لعثمان ويقول : [يا رب ، عثمان رضيت عنه فارض عنه] فما زال يدعو رافعا يديه حتّى طلع الفجر ، فأنزل الله هذه الآية) (٢). وأما عبد الرحمن بن عوف فقد ذكرنا صدقته.
قوله تعالى : (وَلا أَذىً) أي لا يؤذي السائل ؛ لا يعيّره ولا يزجره ؛ نحو أن يقول : أنت أبدا في فقر وما أبلانا بك ، وأراحنا الله منك ، وأعطيناك فما شكرت ، وما أشبه ذلك. قال صلىاللهعليهوسلم : [المانّ بما يعطي لا يكلّمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكّيه وله عذاب أليم](٣) فحظر الله المنّ بالصّنيعة على عباده واختصّ به صفة لنفسه ؛ لأنه من العبد تعيير وتكدير ؛ ومن الله تعالى إفضال وتذكير. قال بعضهم :
أفسدت بالمنّ ما قدّمت من حسن |
|
ليس الكريم إذا أعطى بمنّان |
قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢٦٢) ؛ أي (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) فيما يستقبلهم من أهوال يوم القيامة ، (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) على ما خلّفوا في الدّنيا.
قوله تعالى : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) ؛ أي كلام حسن وردّ جميل على السائل ولطف به ودعاء له بالسعة ؛ وتجاوز عن مظلمة ؛ وعدة حسنة (خَيْرٌ) عند الله (مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) لأن الصدقة إذا أتبعها الأذى ذهب المال والثواب جميعا. وقال الضحّاك : (معنى الآية : قول في إصلاح ذات البين).
__________________
(١) رواه الترمذي في الجامع : أبواب المناقب : الحديث (٣٧٠٠ و ٣٧٠١). وأخرجه الطبراني في الأوسط : الحديث (٥٩١١ و ٩٢٢٢).
(٢) ينظر : الجامع لأحكام القرآن : ج ٣ ص ٣٠٦.
(٣) أخرجه بمعناه مسلم في الصحيح : كتاب الإيمان : باب غلظ تحريم إسبال الإزار : الحديث (١٧١ / ١٠٦). وأبو داود في السنن : كتاب اللباس : باب ما جاء في إسبال الإزار : الحديث (٤٠٨٧).