ثواب صدقته بالمال الطيّب إذا وضعه في موضعه. يضاعف لمن يشاء من السّبع إلى السّبعين إلى سبعمائة إلى مائة ألف إلى ما شاء الله من الأضعاف ممّا لا يعلمه إلا هو.
قوله تعالى : (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) (٢٦١) ؛ أي غنيّ بتلك الأضعاف (عليم) بمن ينفق. وقيل : معناه : (وَاللهُ واسِعٌ) الفضل ، جواد لا ينقصه ما يتفضّل به من السّعة والمضاعفة ؛ (عَلِيمٌ) بمن يستحقّ الزيادة.
والفائدة في تخصيص السبع في الآية ما قالوا : إنّ السّبع أشرف الأعداد كما روي عن ابن عبّاس أنه قال : (كادت الأشياء تكون كلّها سبعا ؛ فإنّ السّموات سبع ؛ والأرضون سبع ؛ والكواكب السّيّارة سبع ؛ والبحار سبعة ؛ وأيّام الأسبوع سبعة ؛ وسجود العبد على سبعة أعضاء).
وأجمع أهل التفسير إلا السديّ : أنّ العدّة المضاعفة بسبعمائة مختصّة بالإنفاق في الجهاد ؛ وأما غير ذلك من الطاعات ؛ فالحسنة بعشر أمثالها كما قال الله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(١).
قوله عزوجل : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً ؛) نزلت في شأن النفقة التي يستحقّ بها الثواب المضاعف ؛ معناه : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي) طاعة الله (ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا) على السائل نحو أن يقول للسائل إذا وقع بينه وبينه خصومة : أعطيتك كذا ، وأحسنت إليك ، وما أشبهه مما يبغض على السائل. وأصله من القطع ؛ يقال : مننت الشيء إذا قطعته ؛ ومنه قوله تعالى : (فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(٢) أي غير مقطوع ، ويقال : جبل منين ؛ أي مقطوع. وقيل : أصل المنّة النعمة ، يقال : منّ (يمنّ) إذا أعطى وأنعم ، قال الله تعالى : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ)(٣) أي أعط أو أمسك.
وقال الكلبيّ : (نزلت هذه الآية في عثمان وعبد الرّحمن بن عوف ، أمّا عثمان رضي الله عنه فجهّز المسلمين في غزوة تبوك بألف بعير بأقتابها وأحمالها). وروي أن عثمان جاء بألف مثقال في جيش العسرة فصبّها في حجر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فكان صلىاللهعليهوسلم يدخل
__________________
(١) الأنعام / ١٦٠.
(٢) التين / ٦.
(٣) ص / ٣٩.