في دينهم ، ومتولّي خزانتهم على حسن عملهم ، يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الهدى.
وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٥٧) ؛ معناه : والذين جحدوا توحيد الله أولياؤهم الذين يتولونهم الطاغوت.
ومعنى : (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) ،) ولم يكن لهم نور ؛ قيل : أراد به اليهود والنصارى الذين كانوا على دين عيسى عليهالسلام ؛ خرجوا من التوحيد الذي كانوا فيه إلى الكفر بمحمّد صلىاللهعليهوسلم.
وقوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ ؛) أي ألم تعلم يا محمد بالذي جادل إبراهيم في ربه ؛ أي هل رأيت كالذي (حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللهُ الْمُلْكَ) أي بأن أعطاه الله الملك وأعجب بملكه وسلطانه وهو نمرود بن كنعان أوّل من تجبّر في الأرض بادعاء الرّبوبيّة فخاصم إبراهيم في توحيده. وقيل : إنّ الهاء في قوله (آتاهُ) راجعة إلى إبراهيم عليهالسلام ، و (الْمُلْكَ) هو النبوّة ووجوب طاعته على الناس (١).
__________________
(١) الضمير في (آتاهُ) فيه وجهان : أظهرهما : أن يعود على (الَّذِي) وهو قول جمهور المفسرين. وأجاز المهدوي أن يعود على (إِبْراهِيمَ) ؛ أي ملك النبوة.
قال ابن عطية : «هذا تحامل من التأويل». وقال أبو حيان : «هذا قول المعتزلة ، قالوا : لأن الله تعالى قال : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) والملك عهد ، ولقوله تبارك وتعالى : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)[النساء / ٥٤]. وعود الضمير إلى أقرب مذكور واجب ، وأقرب مذكور إبراهيم عليه الصلاة والسّلام.
وأجيب عن الأول : بأن الملك حصل لآل إبراهيم وليس فيها دلالة على حصوله لإبراهيم عليه الصلاة والسّلام. وعن الثاني : بأن الذي حاجّ إبراهيم كان هو الملك ، فعود الضمير إليه أولى».
ينظر : اللباب في علوم الكتاب : ج ٤ ص ٣٣٨ ، ابن عادل الدمشقي الحنبلي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان ، ط ١ (١٩٩٨).