المشركين ، كما قال تعالى : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(١) ، وكان القتال غير مباح في أوّل الإسلام إلى أن قامت عليهم الحجّة الصّحيحة بصحّة نبوّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلمّا عاندوا بعد البيان أمر الله المسلمين بقتالهم لقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)(٢) وغير ذلك من آيات القتال).
وقال الحسن وقتادة : (إنّ هذه الآية خاصّة في أهل الكتاب أن لا يكرهوا على الإسلام بعد أن يؤدّوا الجزية ، وأمّا مشركو العرب فلا يقرّون بالجزية ولا يقبل منهم إلّا الإسلام أو السّيف).
والقول الثالث : أن معناه : من دخل في الإسلام بمحاربة المسلمين ثم رضي بعد الحرب فليس بمكره ؛ أي لا يقولوا لهم : إنّما أسلمتم كرها ؛ فلا إسلام لكم.
ومعنى الآية : (لا إِكْراهَ) في الإسلام ؛ أي لا تكرهوا على الإسلام ، (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ) ؛ أي قد وضح الطريق المستقيم من الطريق الذي ليس بمستقيم بما أعطاه الله أنبياءه من المعجزات ، فلا تكرهوا على (الدّين). ودخول الألف واللام في (الدّين) لتعريف المعهود.
قوله تعالى : (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها) ؛ أي فمن يكفر بما أمر الله أن يكفر به ، ويصدّق بالله وبما أمر به ، فقد عقد لنفسه من الدين عقدا وثيقا لا تحلّه حجّة من الحجج لا انقطاع لها بالشبهة والشكوك. قوله تعالى : (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٢٥٦) ؛ أي سميع لما يعقده الإنسان في أمر الدين ، عالم بنيّته في ذلك.
والغيّ : نقيض الرّشد. والطاغوت : مأخوذ من الطّغيان ، والطاغوت اسم للأصنام والشياطين وكلّ ما يعبد من دون الله تعالى.
قوله عزوجل : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ؛) معناه : الله وليّ المؤمنين في نصرهم وإظهارهم وهدايتهم في إقامة الحجة
__________________
(١) فصلت / ٣٤.
(٢) التوبة / ٥.