روي في الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [يقول الله تعالى : لولا رجال ركّع ؛ وصبيان رضّع وبهائم رتّع ؛ لصبّ عليكم العذاب صبّا](١). وقال الحسن : (يزع الله بالسّلطان أكثر ممّا يزع بالقرآن ، ولو لا السّلاطين والأمراء المسلّطون على العيّارين والدّعارة لخرجوا على أهل الصّلاح فاستولوا عليهم).
قوله تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ) من قرأ (دفاع) فهو من قولهم : دافع مدافعة ودفاعا ؛ والدّفع : الصّرف. (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ) (٢٥١) ؛ ذو منّ عليهم يدفع المفسدين عن المصلحين.
قوله عزوجل : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ؛) أي القرآن بما فيه من الأخبار الماضية آيات الله بتنزيل جبريل عليهالسلام بها عليك لبيان الحقّ من الباطل ، (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) (٢٥٢) ؛ لأنك أخبرت بهذه الآيات مع أنك لم تشاهدها ولم تخالط أهلها. وقيل في معنى هذه الآيات : إماتة الله الألوف دفعة واحدة وإحياؤهم دفعة واحدة وإعطاؤه الملك طالوت وهو من أهل الحمول الذي لا ينقاد له الناس ، ونصر أصحاب طالوت مع قلّة عددهم وضعفهم على جالوت وأصحابه مع شوكتهم وكثرتهم دلالة على قدرته وعلى نبوّة أنبيائه صلوات الله عليهم. وقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) لأنك قد أعطيت من الآيات مثل ما أعطي الأنبياء صلوات الله عليهم وزيادة.
قوله عزوجل : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ؛) معناه : إنّ الذي نزّلنا عليك خبرهم في القرآن هم الرسل لم يكونوا في الفضل متساوين ، ولكن (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) في الدنيا والعقبى. ثم فسّر فضيلة كلّ واحد منهم فقال : (مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللهُ) وهو موسى عليهالسلام
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٢ ص ١١٦ ـ ١١٧ ؛ قال القرطبي : «خرجه أبو بكر الخطيب في كتاب (السابق واللاحق) عن عبد الله بن مسعود». وفي تلخيص الحبير : ج ٢ ص ١٠٤ : كتاب صلاة الاستسقاء : الحديث (٩) ؛ قال : «خرجه أبو يعلى والبزار والبيهقي من حديث أبي هريرة ، وفي إسناده إبراهيم بن خيثم بن عراك ، وقد ضعفوه. وأخرجه أبو نعيم في المعرفة في ترجمة مسافع ، والبيهقي وابن عدي» وضعفوه.