قوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ ؛) معناه : قال الذين يوقنون ويعلمون أنّهم ملاقو الله ؛ وهم القليل الذين ثبتوا مع طالوت ، (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ) أي كم من فرقة قليلة قهرت فرقة عدتها كثيرة بأمر الله ونصرته ، وكانت فئة جالوت مائة ألف. والفئة جمع لا واحد له من لفظه.
قوله تعالى : (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٢٤٩) ؛ أي معهم بالنصر والمعونة.
قوله تعالى : (وَلَمَّا بَرَزُوا لِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالُوا رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً) ؛ معناها : لمّا خرجوا واصطفّوا لمحاربة جالوت وجنوده ، قالوا : ربّنا أصبب علينا الصّبر صبّا ، (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) ؛ في أماكنها في الحرب بتقوية قلوبنا ، (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (٢٥٠) ؛ أي أعنّا على قوم جالوت بإلقاء الرّعب في قلوبهم ، (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ) ؛ في هذا الحال ؛ لأنّ ذكر الهزيمة بعد سؤال النصر يدلّ على إجابة الدعاء ، كأنّ الله تعالى قال : فاستجاب الله دعاءهم فهزموهم.
قوله تعالى : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ ؛) قال المفسرون : لمّا عبر طالوت ومن معه النهر ، كان من جملة من عبر معهم أبو داود عليهالسلام واسمه إيشا في ثلاثة عشر ابنا له وكان داود أصغرهم ، ثم إنّ جالوت أرسل إلى طالوت : أن أرسل إليّ من يقابلني ، فإن قتلني فلكم ملكي ، وإن قتلته فلي ملككم. فشقّ ذلك على طالوت ونادى في عسكره : من قتل منكم جالوت زوّجته ابنتي وأعطيته نصف مملكتي ، فلم يجب أحد منهم وهاب الناس جالوت ، فسأل طالوت نبيّهم أن يدعو الله ، فدعا الله تعالى ، فأتى بقرن فيه دهن فقيل له : إنّ صاحبكم الذي يقتل جالوت هو الذي يضع هذا القرن على رأسه فيغلي الدهن ، فدعا طالوت بني إسرائيل فجرّبهم ، فلم يوافق ذلك منهم أحد ، فأوحى الله إلى نبيّهم أنّ في أولاد إيشا من يقتل جالوت ، فدعا طالوت إيشا وقال له : اعرض عليّ أولادك ، فأخرج له اثنا عشر رجلا أمثال الاسطوانات ، وفيهم رجل فارع عليهم ، فجعل يعرضهم على القرن ، فلم ير شيئا ، فلم يزل يردّد القرن على ذلك الجسيم حتى أوحي إليه أنّا لا نأخذ الرجال على قدر