إسرائيل لا يقوم له شيء ، فأخرجوا التابوت إلى قرية أخرى ، فبعث الله على أهل تلك القرية بلاء حتى كان الرجل منهم يبيت سالما ويصبح ميتا قد أكل ما في جوفه ، فأخرجوه منها إلى الصحراء ودفنوه في مخراة لهم ، فكان كل من تغوّط هنالك منهم أخذه الباسور والقولنج ، فتحيّروا! فقالت لهم امرأة من بني إسرائيل كانت عندهم قد سبوها : اعلموا أنكم لا تزالون ترون ما تكرهون ما دام التابوت فيكم فأخرجوه عنكم ، فأتوا بعجل بإشارة تلك المرأة فحملوا عليها التابوت ، ثم علّقوها على ثورين ثم ضربوا جنوبها فأقبل الثوران يسيران ، ووكّل الله أربعة من الملائكة يسوقون الثورين ، فلم يمر التابوت بشيء من الأرض إلّا كان مقدّسا ، فأقبلا حتى وقعا على أرض بني إسرائيل فوضعوا التابوت في أرض بني إسرائيل ، فلما رأى بنو إسرائيل التابوت كبّروا وحمدوا الله وأطاعوا طالوت وأقروا بملكه ، فذلك قوله : (تحمله الملائكة) أي تسوقه) (١). وقال ابن عباس : (جاءت الملائكة بالتّابوت تحمله بين السّماء والأرض وهم ينظرون إليه حتّى وضعته الملائكة عند طالوت) (٢).
وقرأ ابن مسعود ومجاهد والأعمش : (يحمله) بالياء. وعن علي رضي الله عنه : (أنّ السّكينة كان ريحا هفّافة لها وجه كوجه الإنسان) (٣).
وقوله تعالى : (وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ) يعني أنه كان في التابوت أيضا رضاض الألواح لموسى وعصاه من آس وعمامة هارون وقفيزة من المنّ وهو التّرنجبين (٤) الذي كان لبني إسرائيل في طست من ذهب. وقوله تعالى : (تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ) أي تسوقه الملائكة. وقال بعضهم : أرسل الله ريحا انتزعت التابوت من أيدي الكفّار ، ثم حملته الملائكة فألقته بين يدي طالوت.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٤١٤ و ٤٤١٥ و ٤٤١٧) عن وهب بن منبه.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٤٤٥).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٤٢٠).
(٤) في لسان العرب : مادة (منن) : ج ١٣ ص ١٩٨ نقل من قول الزجاج ؛ قال : «وأهل التفسير يقولون : إنّ المنّ شيء كان يسقط على الشجر حلو يشرب ، ويقال : إنه الترنجبين ... كان ينزل عليهم من السماء عفوا بلا علاج. والتّرنجبين ؛ والطرنجبين بالطاء ، وهو طلّ يقع من السماء ، وهو ندي شبيه بالعسل جامد متحبب. (عن مفردات ابن البيطار).