قوله عزوجل : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ ؛) قال ابن عباس : (هذا جواب عن قولهم لنبيّهم : والله ما نصدقك أنّ الله بعثه علينا ، ولكنك أنت بعثته علينا ملكا مضارّة لنا حين سألناك ملكا ، وإلا فآتنا بآية أن الله قد بعثه علينا. فقال لهم : (إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ) أي الدلالة على كون طالوت ملكا ، أن يأتيكم التابوت الذي أخذه منكم عدوّكم. وكان ذلك التابوت من عود الشمار (١) الذي يتخذ منه الأمشاط المرصّعة بالذهب عليه صفائح الذهب ، وكانت السكينة في التابوت ؛ وهي شبه دابّة رأسها كرأس الهرّة ولها ذنب كذنبها له رأسان ، ووجه كوجه الإنسان ولها جناحان من زبرجد وياقوت ، وكان فيها روح تكلمهم بالبيان فيما اختلفوا فيه ، وكان لعينيها شعاع إذا نظرت إلى إنسان دعر).
قال ابن عباس : (كانت بنو إسرائيل إذا حضر القتال قدّموا التابوت بين أيديهم إلى العدوّ ، فإذا أتت السكينة في التابوت وسمع من التابوت أنينها أقرب نحو العدو وهم يمضون معه أينما مضى ، فإذا استقرّ ثبتوا خلفه ، وكانت السكينة إذا صرخت في التابوت بصراخ هرّة أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح ، فلما عصت بنو إسرائيل الأنبياء صلوات الله عليهم ، سلّط الله عليهم عدوّهم فقاتلهم وغلبهم على التابوت ، ومضوا به إلى قرية من قرى فلسطين ، وجعلوه في بيت صنم لهم ، وجعلوا التابوت تحت الصنم ، فأصبحوا من الغد والصنم تحته ، وأصنامهم كلّها أصبحت مكسّرة ، فأخرجوا التابوت من بيت الصنم ، ووضعوه في ناحية من مدينتهم ، فأخذ أهل تلك الناحية وجع في أعناقهم حتى هلك أكثرهم ، فقال بعضهم لبعض : أليس قد علمتم أن إله بنو
__________________
(١) في المخطوط : (السمسار) ، وفي هامش الجامع لأحكام القرآن : ج ٣ ص ٢٤٨ : (شمار) وهو من قول الكلبي. وفي معجم أسماء النبات : ص ٣٤ : (شمساد).
وفي الإصحاح الخامس والعشرين من سفر الخروج : الفقرة (١٠): (تصنع تابوتا من خشب السّنط ، طوله ذراعان ونصف). العهد القديم ـ الإصدار الثاني ١٩٩٥ ، الطبعة الرابعة : ص ١٠٠ : المسكن المقدس وأثاثه : التابوت.
وفي لسان العرب : مادة (سنط) : ج ٦ ص ٣٩١ ؛ قال : «والسّنط : قرظ ينبت في الصّعيد وهو حطبهم ، وهو أجود حطب استوقد به الناس».