وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ؛ هم الذين عبروا النهر ، وسنذكرهم إن شاء الله في موضعهم.
قوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (٢٤٦) ؛ أي عالم بالذين ظلموا أنفسهم بالمعصية وبعقوبتهم ، وفي هذا تهديد لمن ولّى عن القتال.
واختلفوا في قراءة (عَسَيْتُمْ) فقرأ نافع وطلحة والحسن : (عَسيْتُمْ) بكسر السين في كلّ القرآن ؛ وهي لغة. وقرأ الباقون بالفتح ؛ وهي اللغة الفصيحة.
قوله تعالى : (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ) ؛ وكان السبب فيه على ما ذكره المفسرون : أن اشمويل عليهالسلام سأل الله تعالى أن يبعث لهم ملكا ، فأتي بعصا وقرن فيه دهن ، وقالوا له : إن صاحبكم الذي يكون ملكا طوله طول هذه العصا ، وقيل له : انظر إلى هذا القرن الذي فيه الدهنّ ، فإذا دخل عليك رجل فنش (١) الدهن في القرن ؛ فهو ملك بني إسرائيل فادهن به رأسه وملّكه على بني إسرائيل. فقاسوا أنفسهم بالعصا ؛ فلم يكن أحد منهم مثلها.
قال وهب : (وكان طالوت رجلا ديّانا). وقال عكرمة والسديّ : (كان يسقي على حمار له من النّيل ، فضلّ حماره ؛ فخرج في طلبه). وقال بعضهم : ضلّت حمولات لأبيه ، فأرسله أبوه مع غلام له يطلبانها ، فمرّا ببيت اشمويل ، فقال الغلام لطالوت : لو دخلنا على هذا النبيّ فسألناه عن الحمولات ليرشدنا ويدعو لنا بخير. فقال طالوت : نفعل ذلك ، فدخلا عليه ، فبينما هما عنده إذ نشّ الدهن الذي في القرن فقام أشمويل وقاس طالوت بالعصا فكان على طوله ، فقال لطالوت : قرّب رأسك ، فقرّبه ، فدهنه بذلك الدهن ، ثم قال له : أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني الله أن أملّكك عليهم. فقال طالوت : أو ما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني إسرائيل؟ قال : بلى ، قال : فبأيّ آية أكون أهلا لذلك؟ قال : بآية أنك ترجع إلى أبيك ، وقد وجد أبوك حمولاته ، فرجع فكان كذلك.
__________________
(١) نشّ الشيء : جفّ وذهب ماؤه ، ونشّ اللحم : صوّت على المقلى ، ونشّت الجرّة الجديدة : صوّتت كصوت الغليان عند صبّ الماء فيها.