إحداهما قرضا لله عزوجل ، والأخرى لك ولعيالك] قال : إشهد يا رسول الله أنّي قد جعلت أحسنهما لله عزوجل ، وهو حائط فيه ستّمائة نخلة ، قال : [إذن يجزيك به الله في الجنّة]. قال : فانطلق أبو الدّحداح حتّى أتى أمّ الدّحداح وهي مع أولادها في الحديقة تدور تحت النّخلة ، فأنشأ يقول :
هداك ربي سبل الرّشاد |
|
إلى سبيل الخير والسّداد |
بيني من الحائط بالوداد |
|
فقد مضى قرضا إلى التّناد |
أقرضته الله على اعتمادي |
|
بالطّوع لا منّ ولا نكاد (١) |
إلّا رجاء الضّعف في المعاد |
|
فارتحلي بالنّفس والأولاد |
والبرّ لا شكّ فخير زاد |
|
قدّمه المرء إلى المعاد |
قالت أمّ الدّحداح : ربح بيعك ، بارك الله لك فيما اشتريت. فأجابته أمّ الدّحداح وأنشأت تقول :
بشّرك الله بخير وفرح |
|
مثلك أدّى ما لديه ونصح |
إنّ لك الحظّ إذ الحظّ وضح |
|
قد متّع الله عيالي ومنح |
بالعجوة السّوداء والزّهو البلح |
|
والعبد يسعى وله ما قد كدح |
طول اللّيالي وعليه ما اجترح |
ثمّ أقبلت أمّ الدّحداح على أولادها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم وتطرح ما في ثيابهم حتّى افضت إلى الحائط الآخر ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [كم من عذق ردّاح ودار فيّاح (٢) في الجنّة لأبي الدّحداح](٣).
قال أهل المعاني : في الآية اختصار وإضمار ؛ تقديره : من ذا الذي يقرض عباد الله قرضا حسنا ، وجاء في الحديث : [إنّ الله تعالى يقول لعبده يوم القيامة :
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : (ولا ارتداد) ، وفي هامش المخطوط : (ولا ازدياد).
(٢) العذق ـ بفتح فسكون ـ : النخلة ، وبكسر وسكون : العرجون بما فيه من الشّماريخ. وردّاح : ثقيلة. والفيّاح : الواسع.
(٣) رواه الطبري في جامع البيان : النص (٤٣٧٩) ؛ وهو مرسل ولم يذكر الشعر.