استطعمتك فلم تطعمني ، واستسقيتك فلم تسقني ، واستكسيتك فلم تكسني. فيقول العبد : وكيف ذلك يا سيّدي!؟ فيقول ربّك : عبدي فلان الجائع وفلان العاري فلم يعد عليهم من فضلك ، فلأمنعك اليوم فضلي كما منعتهم من فضلك].
وقال يحيى بن معاذ : (عجبت لمن يبقي له مالا وربّ العرش يستقرضه) (١). وعن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [رأيت على باب الجنّة مكتوبا : القرض بثمانية عشر ، والصّدقة عشرة. فقلت : يا جبريل ، ما بال القرض أكثر جزاء. قال : لأنّ صاحب القرض لا يأتيك إلّا محتاجا وربّما وقعت الصّدقة في غير أهلها](٢). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [من أقرض أخاه المسلم ، فله بكلّ درهم وزن ثبير وطور سيناء حسنات] وهما جبلان.
وقوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ؛) أي ألم تعلم يا محمد بالملإ من بني إسرائيل. والملأ من القوم : أشرافهم ووجوههم يجتمعون للمشاورة. وجمعه الأملاء ؛ واشتقاقه من ملأت الشيء ؛ لا واحد له من لفظه كالإبل والخيل والجيش والقوم والرهط.
قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ مُوسى) أي من بعد وفاة موسى ، وقوله : (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا) اختلفوا فيه من هو؟ قال قتادة : (هو يوشع بن نون بن أفراتيم (٣) بن يوسف بن يعقوب عليهمالسلام). وقال السديّ : (هو شمعون). وقد كان بعد يوشع ، وإنما سمي سمعون لأن أمّة دعت الله عزوجل أن يرزقها غلاما فاستجاب الله دعاءها ، فولدت غلاما فسمّته سمعون ، وقالت : قد سمع الله دعائي ، فلأجل ذلك سمته سمعون. والسين في لغة العبرانية شين ، فهو بالعبرانية شمعون وبالعربية
__________________
(١) في كنز العمال : الرقم (١٥٣٨٢) ، ونسبه إلى الطبراني والحكيم في نوادره.
(٢) في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : ج ١ ص ٥١ : الترجمة (يحيى بن معاذ).
(٣) عند الطبري : (أفراثيم).