قال ابن عباس : لمّا نزلت هذه الآية جاء أبو الدّحداحة رضي الله عنه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال : يا رسول الله ، أرى ربّنا يستقرض ممّا أعطانا لأنفسنا ، وإنّ لي حديقتين فإن تصدّقت بإحداهما فلي مثلاها في الجنّة ، قال : [نعم]. وأمّ الدّحداحة معي؟ قال : [نعم] قال : والصّبية معي؟ قال : [نعم] فتصدّق بأفضل حديقتيه وهي تسمّى الحبيبة ، فلمّا رجع إلى أهله وجد أمّ الدّحداحة والصّبية في الحديقة الّتي تصدّق بها ، فقام على بابها وتحرّج أن يدخلها ، ثمّ نادى : يا أمّ الدّحداحة ؛ يا أمّ الدّحداحة ، قالت : لبّيك ، قال : قد جعلت حديقتي هذه صدقة واشترطت مثليها في الجنّة وأمّ الدحداحة معي والصّبية معي ، قالت : بارك الله لك فيما اشتريت. ثمّ خرجوا منها ودفعوها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنّ الله تعالى قد قبل منك ، فأعطه اليتيمين اللّذين في حجرك]. وقال صلىاللهعليهوسلم : [كم من نخل مدل عروقها في الجنّة لأبي الدّحداحة](١).
وعن أبي زيد بن أسلم قال : لمّا نزل قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) الآية ، قال أبو الدّحداح : فداك أبي وأمّي يا رسول الله ، إنّ الله يستقرضنا وهو غنيّ عن القرض؟! قال : [نعم ، يريد أن يدخلكم «الجنّة» (٢)] ، قال : فإنّي إن أقرضت ربي يضمن لي الجنّة ، قال : [نعم ، من تصدّق بصدقة فله مثلها في الجنّة] ، قال : وزوجتي أمّ الدّحداح معي؟ قال : [نعم] قال : وبنتي الدّحداحة؟ قال : [نعم]. قال : والصّبية معي؟ قال : [نعم] قال : ناولني يدك ، فناوله النّبيّ صلىاللهعليهوسلم يده المباركة ، فقال : يا رسول الله ، إنّ لي حديقتين إحداهما بالسّافلة والأخرى بالعالية ، والله ما أملك غيرهما قد جعلتهما قرضا لله عزوجل ، فقال النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [اجعل
__________________
(١) رواه الطبراني في المعجم الأوسط : ج ٢ ص ٥١٦ : الحديث (١٨٨٧) ؛ وقال : «تفرد به أحمد عن عمر بن الخطاب». وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ج ١ ص ١٨٧ ؛ قال الهيثمي : «وفيه إسماعيل بن قيس الأنصاري ، متروك». وعن عبد الله بن مسعود ؛ في مجمع الزوائد : ج ٦ ص ٣٢١ ؛ قال الهيثمي : «رواه البزار ورجاله ثقات». وفي ج ٩ ص ٣٢٤ ؛ قال الهيثمي : «رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات ، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح».
(٢) «الجنّة» للضرورة ، وإلا فهي ليست في المخطوط.