(يُقْرِضُ) ، ومن نصب جعله جواب الاستفهام بالفاء. والتشديد والتخفيف لغتان ، ودليل التشديد قوله تعالى : (أَضْعافاً كَثِيرَةً) لأن التشديد للتكثير.
قال الحسن والسديّ : (هذا التّضعيف لا يعلمه إلّا الله). قال أبو زيد : (معنى قوله تعالى : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) أي يعطيه سبعمائة أمثاله). كما قال تعالى في آية أخرى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ)(١). وعن أبي عثمان النهديّ قال : أدخل أبو هريرة إصبعيه في أذنيه وقال : صمّتا إن لم أكن سمعت من رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : [يضاعف الله للمؤمن حسنة إلى ألفي ألف حسنة](٢).
قوله عزوجل : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ ؛) أي يقتّر ويوسّع على من يشاء من خلقه ، ومنه قوله تعالى : (وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ)(٣) أي يمسكوها عن النفقة في سبيل الله ، وقوله : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ)(٤). وقيل : معناه : يقبض الصدقات ويبسط ، والله يسلب النعمة من قوم ويبسطها على قوم. وقيل : معناه : يقبض الصدقات ويبسط عليها الجزاء عاجلا وآجلا. وقيل : القبض والبسط الإحياء والإماتة ، فمن أماته الله فقد قبضه ، ومن مدّ له في عمره فقد بسط له.
قوله عزوجل : (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٢٤٥) ؛ أي ترجعون في الآخرة فيجزيكم بما قدّمتم ، وقد جهلت اليهود معنى هذه الآية أو تجاهلت حتى قالت : إن الله يستقرض منا فهو فقير ونحن أغنياء كما قال تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ)(٥) وعرف المسلمون معنى الآية ووثقوا بثواب الله ووعده.
__________________
(١) البقرة / ٢٦١.
(٢) أخرج الإمام أحمد : ج ٢ ص ٥٢١ بإسناده عن أبي عثمان النهدي تصحيح أبي هريرة رضي الله عنه له فقال : «ليس هذا قلت : ولم يحفظ الّذي حدّثك ، وإنّما قلت : إنّ الله ليعطي العبد المؤمن بالحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة». نقله السيوطي في الدر المنثور : مج ١ ص ٧٤٥.
(٣) التوبة / ٦٧.
(٤) الشورى / ٢٧.
(٥) آل عمران / ١٨١.