بعضهم : هذه الآية خطاب للذين جبنوا ، وهي متصلة بقوله تعالى : (فَقالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ) وقال لهم : (قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ.)
قوله عزوجل : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً ؛) قال : (سبعين) (١) : (لمّا أنزل الله قوله عزوجل : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(٢) قال صلىاللهعليهوسلم : [رب زد أمّتي] فنزل (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) فقال : [رب زد أمّتي] فنزل (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ)(٣)) (٤).
وفي الآية استدعاء إلى الانفاق والبرّ في سبيل الله بألطف الكلام وأبلغه ، وسمّاه الله قرضا تأكيدا لاستحقاق الجزاء ؛ لأنه لا يكون قرضا إلا والعوض مستحقّ فيه. ومعنى الآية : من ذا الذي يتصدق بصدقة طيبة من نفس طيبة لا يمنّ بها على السائل ولا يؤذيه ، قال الحسن : (هو النّفقة في أبواب البرّ من النّفل). وقال ابن زيد : (هو الإنفاق في الجهاد في سبيل الله). وقال الواقديّ : (قرضا حسنا) يكون المال من الحلال). وقال سهل بن عبد الله : (هو أن لا يعتقد بقرضه عوضا).
وقوله تعالى : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) قرأ عاصم وأبو حاتم (فيضاعفه) بالنصب ، وقرأ ابن عامر ويعقوب بالتشديد والنصب بغير ألف ، وقرأ ابن كثير وشيبة بالتشديد والرفع ، وقرأ الآخرون بالألف والتخفيف ورفع الفاء. فمن رفعه عطفه على
__________________
(١) أخرج الطبري بسنده ؛ قال : «قال ابن زيد في قوله تعالى : مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً قال : هذا في سبيل الله فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً قال : بالواحد سبعمائة ضعف» جامع البيان : النص (٤٣٧٨).
(٢) الأنعام / ١٦٠.
(٣) الزمر / ١٠.
(٤) أخرجه ابن حبان في الإحسان : كتاب السير : باب فضل النفقة في سبيل الله : الحديث (٤٦٤٨) ؛ عن ابن عمر ؛ وإسناده حسن إن شاء الله. وفي الدر المنثور : تفسير الآية : ج ١ ص ٧٤٧ ؛ قال السيوطي : «أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عمر : .... الحديث».