روى زيد بن ثابت قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلّي الظّهر ، وكانت أثقل الصّلوات على أصحابه ، فلا يكون وراءه إلّا الصّفّ والصّفّان من النّاس ، يكونون في قائلتهم وتجارتهم ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [لقد هممت أن أحرّق على قوم لا يشهدون الصّلاة بيوتهم] فنزل قوله تعالى : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(١).
وقال عليّ رضي الله عنه : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إذا زالت الشّمس سبّح كلّ شيء لربنا ، فأمر الله بالصّلاة في تلك السّاعة] وهي الساعة التي تفتح فيها أبواب السماء ، فلا تغلق حتى تصلى الظهر ، ويستجاب فيها الدعاء ؛ ولأنّها أول صلاة توجّه النبيّ صلىاللهعليهوسلم فيها وأصحابه إلى الكعبة ، وهي التي ترفع جميع الصلوات والجماعات لأجلها يوم الجمعة.
وقال بعضهم : هي إحدى الصلوات الخمس ولا نعرفها بعينها. وسئل الربيع ابن خيثم عن الصلاة الوسطى ، فقال للسائل : (إذا أنت علمتها أكنت محافظا عليها ومضيّعا سائرهنّ؟) قال : لا ، قال : (فإنّك إذا حافظت عليهنّ فقد حافظت عليها). وبه يقول أبو بكر الورّاق ؛ قال : (لو شاء الله تعالى لعيّنها ، ولكنّه سبحانه أراد تنبيه الخلق على أداء جميع الصّلوات ، فأخفاها الله تعالى في جملة الصّلوات ليحافظوا على جميعها رجاء الوسطى كما أخفى ليلة القدر في ليالي شهر رمضان ، وأخفى اسمه الأعظم في جميع الأسماء ، وأخفى ساعة الإجابة في ساعات الجمعة ؛ حكمة منه في فعله ، ورحمة لخلقه).
قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) أي طائعين ؛ وبه قال الشعبيّ وعطاء والحسن وابن جبير وقتادة وطاووس وعطية ؛ وهو رواية عكرمة عن ابن عباس. قال الضحّاك ومقاتل والكلبيّ : (لكلّ أهل دين صلاة يقومون فيها عاصين ؛ وقوموا أنتم في صلاتكم مطيعين) (٢). ودليل هذا التأويل ما روى أبو سعيد الخدريّ : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) في الدر المنثور : ج ٢ ص ٧٢٠ ؛ قال السيوطي : «أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود وابن جرير والطحاوي والروياني وأبو يعلى والطبراني والبيهقي».
(٢) أخرج هذه الأقوال بأسانيدها الإمام الطبري : جامع البيان : النصوص (٤٢٨٥ ـ ٤٢٩٣).