[شغلونا عن الصّلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا] ثمّ صلّاها بين العشائين (١).
وروي أن رجلا قال في مجلس عمر بن عبد العزيز بن مروان : أرسلني أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وأنا غلام صغير إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسأله عن الصّلاة الوسطى ، فأخذ بإصبعي الصّغيرة وقال : [هذه الفجر] وقبض الّتي تليها وقال : [هذه الظّهر] ، ثمّ قبض الإبهام وقال : [هذه المغرب] ثمّ قبض الّتي تليها وقال : [هذه العشاء] ثمّ قال : [أيّ أصابعك بقي؟] قلت : الوسطى ، وقال : [وأيّ صلاة بقيت؟] قلت : العصر ، قال : [هي العصر](٢).
قالوا : وإنّما كانت العصر هي الوسطى ؛ لأنّها بين صلاتي ليل وصلاتي نهار ؛ وإنّما خصّها بالذكر لأنّها تقع في وقت اشتغال الناس بأمور البيت ، فخصّها بالذّكر للحثّ عليها. روى بريدة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [بكّروا بالعصر يوم الغيم ، فإنّه من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله](٣). وروى نافع عن ابن عمر : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : [من فاتته صلاة العصر فكأنّما وتر أهله وماله](٤).
وقال قبيصة بن دويب : (هي صلاة المغرب ؛ لأنّها أوسط صلاة وجبت على النّاس) (٥). وقيل : لأنّها وسط في عدد الركعات ؛ لأنّها بين الثنتين والأربع ولا تقصر في السفر ، وهي وتر النهار. وإنّما خصّها بالذّكر لأنّها أول صلاة الليل الذي يرغب الناس عن الصلاة فيه.
__________________
(١) هو ما قبله ، وأخرجه الطبري بألفاظ كثيرة في جامع البيان : النصوص في الرقم (٤٢٣٧).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٢٤٥). وفي الدر المنثور : مج ٢ ص ٧٢٦ ذكره السيوطي ولم ينسبه إلى غير الطبري.
(٣) أخرجه ابن حبان في الإحسان : كتاب الصلاة : باب الوعيد على من ترك الصلاة : الحديث (١٤٧٠). وأخرجه البخاري في الصحيح : كتاب مواقيت الصلاة : الحديث (٥٥٣) : عن أبي المليح قال : كنّا مع بريدة في غزو في يوم ذي غيم ، فقال : بكّروا بصلاة العصر ، فإن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله].
(٤) رواه البخاري في الصحيح : كتاب المواقيت : باب من فاتته العصر : الحديث (٥٥٢). ومسلم في الصحيح : كتاب المساجد : الحديث (٢٠٠ و ٢٠١ / ٦٢٧).
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٤٢٦٣).