ذهب مالك والشافعي ؛ وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع إلى قول أبي حنيفة ومحمد. فكأن المراد بهذه الآية على قولهم : أن يكون الفرض في نفس العقد ؛ لأن التسمية بعد تمام عقد النكاح تقدير لمهر المثل أو بدل عنه ، فيسقط بالطلاق قبل الدخول ؛ فتجب المتعة.
وقد ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنّ المراد بقوله تعالى : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) نفس المسيس أو ما يقوم مقامه ، فإنه إذا خلا بها خلوة صحيحة نحو أن لا يكون أحدهما محرما ولا مريضا ولا صائما صوم فرض ، ولا تكون المرأة حائضا ولا رتقاء ، ثم طلّقها ؛ وجب لها المهر كله وإن لم يدخل بها كما روي عن زرارة بن أوفى (١) أنه قال : (أجمع الخلفاء الرّاشدون المهديّون أنّ من أغلق على امرأته بابا وأرخى سترا ثمّ طلّقها ؛ وجب لها الصّداق كاملا ، وعليها العدّة) (٢). وفرّق عمر رضي الله عنه بين العنين وامرأته وأوجب عليه المهر ، وقال : (ما ذنبهنّ إذا جاء العجز من قبلكم) (٣).
قوله عزوجل : (حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) ؛ أي واظبوا وداوموا على الصلوات المفروضة في مواقيتها وشروطها.
قوله تعالى : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) اختلفوا فيها ؛ فعن عليّ وابن عباس وأبي هريرة وعبد الله والحسن والنخعيّ وقتادة وأبي أيوب والضحاك والكلبيّ ومقاتل : (إنّها صلاة العصر) (٤) يدلّ عليه ما روى سمرة بن جندب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال :
__________________
(١) زرارة بن أوفى العامريّ الحرشيّ ، تابعي ثقة ، مات سنة (٩٣) من الهجرة ، ونقل ابن حجر ترجمته قال : «قال أبو حبان القصاب : صلى بنا زرارة الفجر ، ولما بلغ فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ شهق شهقة فمات. سمع من ابن عباس وأبي هريرة وعائشة وغيرهم» ترجم له ابن حجر في تهذيب التهذيب : الرقم (٢٠٧٣).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف : ج ٦ ص ٢٨٨ : النص (١٠٨٧٥).
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف : ج ٦ ص ٢٨٨ : النص (١٠٨٨٣).
(٤) أخرج الطبري هذه الأقوال في تفسير الآية من جامع البيان.