قرأ أبو رجاء : (الرّضاعة) بكسر الراء ؛ قال الخليل : (وهما لغتان مثل الوكالة والوكالة ؛ والدّلالة والدّلالة). وقرأ مجاهد : (لمن أراد أن يتمّ الرّضعة) وهي فعلة كالمرّة الواحدة ، وقرأ عكرمة : (لمن أراد أن يتمّ الرّضاعة) على الفاعل. وقرأ ابن عباس : (لمن أراد أن يكمل الرّضاعة).
قوله عزوجل : (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها ؛) معناه : وعلى الأب نفقتهن وكسوتهن كما يعرف أنه العدل ، يكون ذلك أجرة لهن على الرضاع إذا كان إرضاع الولد بعد الفراق.
وقوله تعالى : (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها) أي لا يجبر الأب على النفقة والكسوة إلا مقدار طاقته ، والتكليف هو الإلزام ، قال الضحّاك : (هذا في المطلّقات دون المزوّجات ؛ لأنّ الله تعالى قابل هذه النّفقة بالإرضاع ، ونفقة الزّوجة لا تجب بالإرضاع وإنّما تجب بسبب الزّوجيّة).
قوله عزوجل : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ؛) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب وسلام برفع الراء مشدّدة على الخبر منسوقا على قوله : (لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ) وأصله : (لا تضارر) فأدغمت الراء في الراء. وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائيّ : (لا تضارّ) مشدّدة منصوبة على النّهي. وأصله (لا تضارر) فأدغمت الراء في الراء وحرّكت إلى أخفّ الحركات وهو النصب ؛ ويدلّ عليه قراءة عمر : (لا تضارر) على إظهار التضعيف.
ومعنى الآية : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) فينزع منها إلى غيرها بعد أن رضيت بإرضاعه ؛ وألفها الطفل ؛ (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) أي لا تلقيه هي إلى أبيه بعد أن عرفها الولد لتضارر الأب بذلك. وقيل : معناه : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) فتكره على إرضاعه إذا قبل من غيرها وكرهت هي رضاعه ؛ لأن ذلك ليس بواجب عليها. (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) فيحمل على أن يعطي الأمّ إذا لم يرضع إلا منها أكثر مما يجب لها عليه. وهذان القولان على مذهب الفعل المجهول على معنى أنه يفعل ذلك بهما ، والوالدة والمولود له مفعولان.