ما وصفناه ؛ فحصلت التطليقة الثالثة بعد الخلع. ؛ أي فإن طلّقها الزوج الثاني بعدما دخل بها ، فلا حرج على المرأة والزوج الأول أن يتراجعا ؛ بأن يتزوجها مرة أخرى بعد انقضاء العدّة.
قوله تعالى : (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) أي إن علما بغالب ظنّهما أنّهما يقيمان حدود الله فيما بينهما ؛ لأنّهما قد افترقا ؛ ورأى الزوج وحدته ورأت المرأة غربتها ووحشتها.
والحكمة في شرط دخول الزوج الثاني بها : أن الطلاق لمّا كان من أبغض المباحات إلى الله تعالى على ما ورد به الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنّ من أبغض المباحات إلى الله تعالى الطّلاق](١) شرط الله في حرمة الطلقة الثالثة ما يكبر على الأزواج من غشيان غير تلك المرأة ؛ حتى لا يعجلوا بالطلاق عند الغضب ولا يطلّقوا إلا على وجه السّنة.
قوله عزوجل : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٢٣٠) ؛ أي هذه الآية التي ذكرت أحكام الله وفرائضه يبيّنها في القرآن لقوم يعلمون أوامر الله تعالى ؛ وإن ما يأتي به رسول الله صلىاللهعليهوسلم صدق. وتخصيص العلماء في هذه الآية ؛ لأنّهم هم الذين يحفظون أوامر الله وأحكامه وينتفعون بالآيات. وقيل : خصّهم الله بالذكر على جهة النباهة لهم كما خصّ جبريل وميكائيل من بين الملائكة على جهة النباهة لهما.
قوله عزوجل : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا) ؛ نزلت في ثابت بن يسار الأنصاري ؛
__________________
(١) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [أبغض الحلال إلى الله الطّلاق]. أخرجه أبو داود في السنن : كتاب الطلاق : باب في كراهية الطلاق : الحديث (٢١٧٨). وابن ماجة في السنن : كتاب الطلاق : باب (١) : الحديث (٢٠١٨). والحاكم في المستدرك : كتاب الطلاق : باب ما أحل الله شيئا أبغض إليه من الطلاق : الحديث (٢٨٤٨) ؛ وقال : «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وصححه الذهبي وقال : «على شرط مسلم». وفي مصابيح السنة : كتاب النكاح : الحديث (٢٤٤٩) جعله البغوي من الحسان.