طلّق امرأته حتى إذا انقضت عدّتها إلّا يومين أو ثلاثة ؛ وكادت تبين منه راجعها ، ثم طلّقها ففعل بها مثل ذلك ، حتى مضت لها سبعة أشهر مضارا لها بذلك. وكان الرجل إذا أراد أن يضارّ امرأته طلّقها ثم تركها حتى تحيض الثالثة ، ثم راجعها ، ثم طلّقها فتطول عليها العدة ، فهذا هو الضّرار ؛ فأنزل الله هذه الآية (١).
ومعنى الآية : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ) تطليقة أو تطليقتين (فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ) أي قاربن وقت انقضاء العدّة (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) أي احبسوهنّ بالرجعة على أحسن الصّحبة ، لا على تطويل العدّة ، (أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) أي اتركوهن بمعروف حتى ينقضي تمام أجلهن ، (وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً) أي لا تحبسوهنّ في العدة إضرارا (لِتَعْتَدُوا ؛) عليهن ؛ أي تظلموهن.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ؛) أي من يفعل ذلك الاعتداء فقد عرّض نفسه لعذاب الله بإتيان ما نهى الله عنه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ملعون من ضارّ مسلما أو ماكره](٢).
قوله عزوجل : (وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللهِ هُزُواً ؛) أي لا تتركوا ما حدّ الله لكم من أمر الطلاق وغيره فتكونوا مقصّرين لاعبين. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : كان الرّجل يطلّق امرأته أو يعتق عبده ثمّ يقول : إنّما كنت لاعبا ، فيرجع في العتق والنّكاح ؛ فأنزل الله هذه الآية ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [من طلّق لاعبا أو أعتق لاعبا فقد جاز عليه](٣) أي نفذ عليه.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الحديث (٣٨٨٤).
(٢) أخرجه الطبراني في الأوسط : ج ١٠ ص ١٤٦ : الحديث (٩٣٠٨) وفيه : [أو غرّه]. والترمذي في الجامع : أبواب البر والصلة : باب ما جاء في الخيانة والغش : الحديث (١٩٤١) ، وقال : حديث غريب.
(٣) في الدر المنثور : ج ١ ص ٦٨٣ ؛ قال : «وأخرج ابن أبي عمر في مسنده وابن مردويه عن أبي الدرداء : ... وذكره».