ابن سلول (١) وفي زوجها ثابت بن قيس ، كانت تبغضه بغضا شديدا لا تقدر على النّظر إليه ، وكان يحبّها حبّا شديدا لا يقدر على أن يصبر عنها ؛ وكان بينهما كلام ، فأتت أباها فشكت عليه وقالت : إنّه يضربني ويسيء إليّ! فقال لها : ارجعي إلى زوجك ، فأتته الثّانية وبها أثر الضّرب ، فشكت إليه فقال لها : ارجعي إلى زوجك. فلمّا رأت أنّه لا يشكيها ولا ينظر في أمرها أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فشكت عليه وأرته أثر الضّرب بها ، فقالت : يا رسول الله ، لا أنا ولا هو ، فأرسل رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى ثابت وقال : [يا ثابت ، ما لك ولأهلك؟] قال : والّذي بعثك بالحقّ نبيّا ؛ ما على الأرض شيء أحبّ إليّ منها غيرك ، لكنّها لا تطيعني ، فقال لها النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : [ما تقولين؟] فكرهت أن تكذب رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقالت : ما كنت أحدّثك اليوم حديثا ينزل عليك خلافه غدا ، هو من أكرم النّاس لزوجته لا أعيب عليه في دين ولا خلق ، ولكنّي أبغضه لا أنا ولا هو. فقال ثابت : قد أعطيتها حديقة لي ، قل لها فلتردّها عليّ وأنا أخلي سبيلها ، فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [أتردّين عليه حديقته وتملكين أمرك؟] قالت : نعم ، وزيادة. فأنزل الله قوله : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) الآية ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [أمّا الزّيادة فلا] ثمّ قال لثابت : خذ منها ما أعطيتها وخلّ سبيلها ، ففعل. وكان ذلك أوّل خلع في الإسلام) (٢).
__________________
(١) اضطرب النقل في اسم امرأة ثابت بن قيس. وفي فتح الباري شرح صحيح البخاري : شرح الحديث (٥٢٧٣) ؛ وما بعده قال ابن حجر : «وأبهم في هذه الطريق اسم المرأة ، وفي الطرق التي بعدها ، وسميت في آخر الباب؟ جميلة». قال : «وقع في رواية النسائي والطبراني من حديث الربيع بن معوّذ : أن ثابت بن قيس ضرب امرأته فكسر يدها ، وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي ، فأتى أخوها يشتكي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ... الحديث ، وبذلك جزم ابن سعد في (الطبقات) فقال : جميلة بنت عبد الله بن أبي ، أسلمت وبايعت ، وكانت تحت حنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة ...». وقال عن اختلاف الأسماء وتعددها بأنه لا تنفي فيما بينها «لاحتمال أن يكون لها أسماء وأحدهما لقب».
(٢) أخرجه البخاري في الصحيح : كتاب الطلاق : باب (١٢) : الحديث (٥٢٧٧). وابن ماجه في السنن : كتابا الطلاق : باب المختلعة تأخذ ما أعطاها : الحديث (٢٠٥٦). والبيهقي في السنن الكبرى : كتاب الخلع : الحديث (١٥٢١٠ ـ ١٥٢١٢).