قوله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ) تخويفا من الله تعالى للمعتدّات كي لا (يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ) من الحبل فيخبرن بانقضاء العدة ثم يتزوجن فيلزمن الولد غير أبيه ؛ ولا يكتمن الحيض فيمتنعن عن الإخبار بانقضاء العدّة ليستوجبن النفقة على أزواجهن.
وفي هذه الآية دليل على أنّ قول المرأة يقبل على أمر رحمها حتى لو قالت : حضت ؛ حرم على الزوج وطؤها ؛ وإذا قالت : طهرت ؛ حلّ له وطؤها ؛ إذ لو لم يجب قبول قولها لم يكن لنهيها عن الكتمان معنى ولا فائدة ؛ ولهذا إذا قال لامرأته : إذا حضت فأنت طالق ؛ فقالت : حضت ؛ طلّقت ، وكان قولها كالبينة في حقّ نفسها ؛ لأنّا قبلنا قولها فيما يخصّها من انقضاء عدتها وإباحة وطئها وحظره.
وفرّقوا بين هذا وبين سائر الشروط نحو قوله : إذا دخلت الدار أو كلّمت زيدا ؛ فقالوا : لا يقبل قولها فيه إلا ببينة. فأما إذا علّق عتق عبده بحيضة زوجته ؛ فقالت : حضت ؛ لم تصدّق ؛ لأن ذلك حكم في غيرها لا يخصّها ولا يتعلق بها ؛ فهو كغيره من الشروط ولا تصدّق.
قوله عزوجل : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) ؛ أي أزواجهن أحقّ بمراجعتهن في الأجل الذي أمرن أن يتربصن فيه ؛ إن أرادوا بمراجعتهن حسن الصحبة والمعاشرة دون الإضرار والعدوان.
قوله عزوجل : (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) ؛ أي لهن على أزواجهنّ من الحقّ والحرمة وحسن المعاشرة مثل ما للزوج عليهن من الحقوق بالمعروف. واسم المعروف عامّ في كلّ ما يعرف من إقامة الحقّ ، يسمى بذلك لأن كلّ واحد يعرف بأنه حقّ.
قوله تعالى : (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) ؛ أي لهم زيادة فيما للنساء عليهم وهو الفضل بنفقتهن وقيامهم بما يصلحهن. والفضل في العقل والميراث أن يكون الرجل مسلّطا على تأديب المرأة إذا نشزت. وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه قال : [لو أذنت لبشر أن يسجد لبشر ولو صحّ ذلك ؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقّه