الصّحابة أن عدّة أمّ الولد بالحيض وكذلك الاستبراء (١).
وذهب الزجّاج إلى أن القرء الجمع من قولهم : قرأت القرآن ؛ أي لفظت به مجموعا. ويقال : قريت الماء في الحوض (٢). ويسمى الحوض مقراة. قال : (وإنّما يجتمع الدّم في البدن في الطّهر فهو القرء) غير أن الأمر لا يظهر في الحقيقة ؛ لأن هذا من علم ما في الأرحام ، وقد خصّ الله تعالى نفسه بعلم ما في الأرحام ، ولا يمتنع أن يجتمع الدم في حالة الحيض قطرة أو قطرتين كالعبرة ونحوها ؛ إذ لو اجتمع جملة لدرّ درورا لا ينقطع كالبول وسائر المائعات المجتمعة.
والمطلّقة قبل الدخول مخصوصة من هذه الآية بآية أخرى وهو قوله تعالى : (إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها)(٣). وكذلك الحامل مخصوصة بآية أخرى.
وروي أنّ رجلا من أشجع قال : يا رسول الله ، طلّقت امرأتي وهي حامل وقد ذهبت وأنا أخاف أن تنطلق فتتزوّج من بعدي فيكون ولدي له ، فأنزل الله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) إلى آخر الآية. فردّت امرأة الأشجعي إلى الأشجعيّ ، فقام معاذ بن جبل فقال : يا رسول الله ، أرأيت الكبيرة الّتي يئست من الحيض ما عدّتها؟ فنزل : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ)(٤). فقال آخر : يا رسول الله ، أرأيت الصّغيرة الّتي لم تبلغ الحلم ؛ ما عدّتها؟ فأنزل (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ.) فقام آخر فقال : يا رسول الله ، والحوامل ما عدّتهنّ؟ فنزل : (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ).
__________________
(١) أسند البيهقي آثارا في السنن الكبرى : كتاب العدد : باب استبراء أم الولد.
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٣ ص ١١٤ ؛ قال القرطبي : «قال أبو عمر بن عبد الله : قول من قال : إن القرء مأخوذ من قولهم : قريت الماء في الحوض ليس بشيء ؛ لأن القرء مهموز وهذا غير مهموز».
(٣) الأحزاب / ٤٩.
(٤) الطلاق / ٤.