والأمّة في اللغة على وجوه ؛ منها الجماعة كقوله تعالى : (وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ)(١) وقوله : (أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ)(٢) أي جماعات وقرون. ومنها الدين والملة كقوله تعالى : (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ)(٣). ومنها الحين والزمان كقوله تعالى : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ)(٤). ومنها الرجل القدوة للناس في الخير قال الله تعالى : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً)(٥) ويسمّى الإمام أمّة أيضا ؛ لأنه يجمع خصال الخير.
ومنها الرجل المنفرد بدين على حدة لا يشركه فيه غيره قال صلىاللهعليهوسلم : [يبعث زيد ابن عمرو بن نفيل أمّة واحدة](٦) وكان قد أسلم قبل خروج النبي صلىاللهعليهوسلم ولم يكن بمكة يومئذ مؤمن غيره ، ثم تابعه بعد ذلك ورقة بن نوفل ، وعاش ورقة إلى وقت خروج النبي صلىاللهعليهوسلم.
ومنها القامة ؛ يقال : فلان حسن الأمّة ؛ أي القامة. والإمة بالكسر النّعمة ؛ يقال : فلان ذو إمة ؛ أي ذو نعمة.
__________________
(١) القصص / ٢٣.
(٢) الأعراف / ٣٨.
(٣) الزخرف / ٢٢.
(٤) يوسف / ٤٥.
(٥) النحل / ١٢٠.
(٦) هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى القرشي العدوي ، أحد حكماء العرب ، وهو ابن عم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لم يدرك الإسلام ، وكان يكره عبادة الأوثان ، ولا يأكل مما ذبح عليها. ورحل باحثا عن الدين الحق ؛ فلم تستمله اليهودية ولا النصرانية ، وعرف بدين إبراهيم عليهالسلام اسما ، فأخذ يعبد الله على دين إبراهيم منتظرا بلوغ الدعوة وجاهر بعدائه للأوثان ، فتألبت عليه قريش ، فأخرجوه من مكة ، فانصرف إلى (حراء) فسلط عليه عمه (الخطاب) شبابا لا يدعونه يدخل مكة ؛ فكان يدخلها سرّا ، وكان عدوّا لوأد البنات ، ولا يعلم ببنت يراد وأدها إلا قصد أباها وكفاه مؤونتها ، فيربيها حتى إذا ترعرعت عرضها على أبيها ، فإن لم يأخذها ، بحث لها عن كفء فزوجها به ، رآه النبي قبل البعثة ، وسئل عنه فقال : [يبعث يوم القيامة أمّة وحده]. ينظر : دلائل النبوة للبيهقي : ج ٢ ص ١٠٢ ، والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك : كتاب معرفة الصحابة : سعيد بن زيد بن عمرو سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يستغفر لزيد بن عمرو ، فقال : [يبعث يوم ...] : الحديث : ج ٣ ص ٤٣٩ ، ٤٤٠.