إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الكبير [ ج ١ ]

364/520
*

كلهم على شريعة واحدة من الحقّ والهدى. ثم اختلفوا في زمن نوح عليه‌السلام فبعث الله إليهم نوحا وكان أوّل نبيّ بعث ، ثم بعث بعده النبيون. وقال الكلبيّ : (هم أهل سفينة نوح ، كانوا كلّهم مؤمنين ، ثمّ اختلفوا بعد وفاة نوح ، فبعث الله إليهم نبيّه هود عليه‌السلام).

قوله عزوجل : (فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) ؛ أي مبشّرين لمن أطاع الله تعالى بالجنة ، ومنذرين بالنار والسّخط لمن عصاه. قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) ؛ أي وأنزل عليهم الكتاب ؛ إذ الأنبياء صلوات الله عليهم لم يكونوا منذرين حتى ينزل الكتاب معهم ، وقوله : (بِالْحَقِّ) أي بالعدل. وقوله : (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) ؛ أي ليقضي الكتاب بينهم بالحكمة ، وأضاف الحكم إلى الكتاب وإن كان الله تعالى هو الذي يحكم على جهة التفخيم لأمر الكتاب. وقوله : (فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) أي من أمر الدين.

قوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) ؛ أي ولم يختلف في أمر الدين وبعث النبيين إلا الذين أعطوا الكتاب من بعد ما جاءتهم الدلالات الواضحات من الله. وقوله : (بَغْياً بَيْنَهُمْ) نصب على أنه مفعول له ؛ أي لم يختلفوا إلا للبغي والحسد والتفرّق ؛ وذلك أنّ أهل الكتاب كانوا علموا حقيقة أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في كتبهم قبل مبعثه ، فلما بعثه الله كفروا به إلا قليلا منهم.

قوله عزوجل : (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) ؛ أي فأرشد الله المؤمنين (لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ) الذي اختلف فيه اهل الزيغ (بِإِذْنِهِ) أي بتوفيقه وقضائه وعلمه. قوله تعالى : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٢١٣) ؛ أي والله يوفّق لمعرفته من يشاء ممن كان أهلا لذلك إلى طريق واضح يرضاه الله تعالى.