نحو قوله تعالى في سورة النحل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ)(١).
وقال بعضهم : معناه : هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بظلل من الغمام وبالملائكة أو مع الملائكة ، فتكون في معنى الباء ، فعلى هذا التأويل زال الإشكال وسهل الأمر.
وأما ذكر الظّلّة في الآية ، فإنّ الهول إذا بدا من الظّلة المظلمة من السحاب كان أعظم وأشدّ ، يدلّ عليه قوله تعالى في قصة شعيب : (فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(٢).
وأما قوله : (وَالْمَلائِكَةُ) قرأ أبو جعفر بخفض (الملائكة) عطفا على الغمام ؛ أي (والظّلل) من الملائكة ؛ أي جماعة من الملائكة. قوله (والملائكة) وسمّاهم الله ظللا ؛ لأن الملائكة لا تسير بالأقدام ولكنها تطير بالأجنحة كما تطير الطير. ومن قرأ : (والملائكة) بالرفع ؛ وهي قراءة الجمهور والإجماع فتقديره : وتأتيهم الملائكة في ظلل ، يدلّ عليه قراءة أبي وعبد الله : (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام). والغمام : هو السّحاب الرقيق الأبيض ، سمّي بذلك لأنه يغمّ ؛ أي يستر.
قوله تعالى : (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) أي المعنى : الحكم بإنزال الفريقين منازلهم من الجنة والنار. قوله تعالى : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (٢١٠) ؛ أي عواقب الأمور ومصير الخلائق إلى الله تعالى ، ومن قرأ (ترجع) برفع التاء فعلى ما لم يسم فاعله ، ومن قرأ بنصب التاء فمعناه : والى الله تصير الأمور. ومن قرأ بالياء ؛ فلأن تأنيث الأمور غير حقيقيّ.
قوله عزوجل : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ) ؛ أي سل يا محمد يهود أهل المدينة كم أعطيناهم ؛ أي أعطينا أسلافهم وإمامهم من علامة واضحة مثل العصا ، واليد البيضاء ؛ وفلق البحر ؛ وتظليل الغمام ؛ وإنزال المنّ والسلوى وغير ذلك مما كان في وقت موسى عليهالسلام من المعجزات ، كما آتيتك من المعجزات فلم يؤمن أولئك كما لم يؤمن هؤلاء الكفار.
__________________
(١) الشعراء / ١٨٩.