إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الكبير [ ج ١ ]

360/520
*

وهذا السؤال سؤال تقريع وإنكار للكفار وتقرير لقلب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لا سؤال استفهام ؛ لأنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان لا يحتاج إلى السؤال. والمعنى : كما أن هؤلاء لم يؤمنوا بالآيات البينات التي أعطيتها فلا تغتمنّ. و (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) أي أنظرها في آيات بني إسرائيل كم أعطيناهم من علامات واضحات في زمن موسى عليه‌السلام.

قوله عزوجل : (وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢١١) ؛ أي من يغيّر حجّة الله الدالة على أمر نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وسلم من بعد ما جاءته حجة الله بأن يجحدها أو يصرفها عن وجهها ، (فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي شديد التعذيب لمن استحقّه ، وسمى الله تعالى الحجّ نعمة ؛ لأنّها من أعظم النّعم على الناس في أمر الدين.

قوله عزوجل : (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ؛) نزلت هذه الآية في مشركي العرب أبي جهل وأصحابه ، كانوا يتنعّمون بما بسط الله لهم في الدنيا من المال ويكذبون بالمعاد ، ويسخرون من المؤمنين الذين يرفضون الدنيا ويقبلون على الطاعة والعبادة ، ويقولون : لو كان محمّد نبيا لا تبعه أشرافنا ، والله ما يتبعه إلا الفقراء مثل ابن مسعود وعمار وصهيب وسالم وأبي عبيدة بن الجراح وبلال وخبّاب وعامر بن فهيرة وغيرهم ، هكذا قال الكلبيّ.

وقال مقاتل : (نزلت في المنافقين : عبد الله بن أبيّ وأصحابه) (١) ، كانوا يتنعّمون في الدّنيا بما بسط الله لهم فيها من الخير ، ويسخرون من ضعفاء المؤمنين وفقراء المهاجرين ، ويقولون : انظروا إلى هؤلاء الّذين يزعم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه يغلب بهم! وكانوا يعيّرونهم بقلّة ذات أيديهم. وقال عطاء : (نزلت في علماء اليهود ورؤسائهم من بني قريظة والنّضير ، سخروا من فقراء المهاجرين فوعدهم الله تعالى أن يعطيهم أموال بني قريظة والنّضير بغير قتال أسهل شيء وأيسره).

__________________

(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ١ ص ١١٠.