واختلف المفسرون في قوله : (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) ؛ فعن ابن عبّاس : (أنّ خطوات الشّيطان عمله) (١). وقال مجاهد وقتادة والضحاك : (خطاياه) (٢). وقال الكلبيّ والسديّ : (طاعته) (٣). وقال عطاء : (زلّاته وشهواته). وقال المؤرّج : (آثاره). وقال القتبيّ والزجّاج : (طرقه).
قوله تعالى : (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١٦٨) ؛ أي بيّن العداوة ، وقيل : مظهرها قد بان عداوته لكم بإبائه السجود لأبيكم آدم وغروره إياه حين أخرجه من الجنة. ثم بيّن الله عداوته فقال : (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ ؛) أي بالإثم والمعاصي ، وقيل : السوء : ما يجب به التعزير ؛ والفحشاء : ما يجب به الحدّ. وقيل : كل ما كان في القرآن من الفحشاء فهو زنا ، إلا قوله تعالى : (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ)(٤) فإنه منع الزكاة. وقيل : الفحشاء : ما قبح من القول والفعل. وقال طاووس : (الفحشاء : ما لا يعرف في شريعة ولا سنّة). وقال عطاء : (هي البخل). وقال السديّ : (هي الزّنا).
قوله تعالى : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (١٦٩) ؛ من تحريم الحرث والأنعام وغير ذلك ؛ ومن وصفكم الله تعالى بالأنداد والأولاد ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. فإن قيل : كيف يصحّ أن يأمر الشيطان وهو لا يشاهد ولا يسمع صوته؟ قيل : معنى يأمركم يدعوكم ويرغبكم كما يقول الإنسان : نفسي تأمرني بكذا ؛ أي تدعوني إليه.
قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ) ؛ أي إذا قيل لهؤلاء الكفار : اتبعوا في التحليل والتحريم ما أنزل الله ؛ (قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) ؛ أي ما وجدنا عليه آباءنا من عبادة الأوثان وتحريم البحيرة والسائبة ونحو ذلك. يقول الله تعالى : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ؛ أي أيتبعون آباءهم وإن كانوا جهّالا لا يعقلون ؛ (شَيْئاً) ؛ من الدين ، (وَلا يَهْتَدُونَ) (١٧٠) ؛ للسّنة.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٢٠١٨).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٢٠١٩ و ٢٠٢٠ و ٢٠٢١).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٢٠٢٢).
(٤) البقرة / ٢٦٨.