ضلالة فقد ذنّبتم الله بها. ومن مات منكم عليها فقد مات على الضّلالة ؛ وكان قد مات قبل التّحويل إلى الكعبة سعد بن زرارة من بني النّجّار ؛ والبراء بن معرور من بني سلمة ورجال آخرون. فانطلقت عشائرهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبروه بذلك ، وقالوا : إنّ الله تعالى قد حوّلك إلى قبلة إبراهيم ؛ فكيف بإخواننا الّذين ماتوا وهم يصلّون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) أي صلاتكم إلى بيت المقدس.
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (١٤٣) ، الرّءوف : شديد الرحمة ؛ وهو الذي لا يضيّع عنده عمل عامل. رحيم بهم حين قبل طاعتهم وتعبدهم في كل وقت بما يصلح لهم. والجمع بين الرحمة والرأفة في الآية للتأكيد كما في قوله : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.)
وفي (رءوف) ثلاث قراءات : مهموز مثقّل ؛ وهي قراءة شيبة ونافع وابن كثير وابن عامر وحفص ، واختاره أبو حاتم. قال الشاعر (١) :
سنطيع رسولنا ونطيع ربّاه |
|
هو الرّحمن كان بنا رءوفا |
و (رووف) مثقل غير مهموز ؛ وهي قراءة أبي جعفر. و (رؤف) مهموز مخفف ؛ وهي قراءة الباقين ، واختاره أبو عبيد. قال جرير (٢) :
بتّ ترى للمسلمين عليك حقّا |
|
كفعل الوالد الرّؤف الرّحيم |
والرأفة : أشدّ الرحمة.
قوله عزوجل : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ؛) وذلك أنّ النّبيّ
__________________
(١) هو كعب بن مالك الأنصاري ، في ديوانه : ص ٢٣٦. ولسان العرب : (رأف). وبلا نسبة في معجم مقاييس اللغة لابن فارس : ج ٢ ص ٤٧١. وفي لسان العرب بلفظ :
نطيع نبيّنا ونطيع ربّا |
|
هو الرّحمن كان بنا رؤوفا |
(٢) البيت لجرير في ديوانه : ص ٢١٩ من قصيدة : صراط أمير المؤمنين ، يمدح هشام بن عبد الملك ، وهو من شواهد اللغة. وفي لسان العرب : (رأف) ، ومعجم مقاييس اللغة : ج ٢ ص ٤٧٢ بلفظ :
ترى للمسلمين عليك حقّا |
|
كفعل الوالد الرّؤوف الرّحيم |