واحد منهم بشقّ غير شقّ صاحبه. دليله قوله تعالى حاكيا عن شعيب : (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي)(١) أي خلافي. وقيل : مأخوذ مما أخذ كلّ واحد فيما يشقّ على صاحبه. وقال مقاتل : (معناه : فإنّما هم في ضلال). وقال الكسائيّ : (معناه : فإنّما هم في خلع الطّاعة). وقال الحسن : (معناه : فإنّما هم في بعاد وفراق إلى يوم القيامة).
وقيل : لمّا انتهى النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى قوله تعالى : (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى) قالت النصارى : لن نؤمن بموسى (٢) ولا نؤمن بك ، فأنزل الله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ)(٣).
وإنّما أضاف الله الإنزال إلى إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وإنّما كان الإنزال على آبائهم ؛ لأنّهم كانوا جميعا يعلمون ذلك ، فأضاف الإنزال إليهم كما قال : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) أي إلى نبيّنا.
قوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ ؛) يعني اليهود والنصارى ؛ أي فسيكفيكهم الله يا محمّد وسائر المسلمين شرّ اليهود والنصارى ، (وَهُوَ السَّمِيعُ ،) لأقوالهم ، (الْعَلِيمُ) (١٣٧) ، بأحوالهم ، فكفاه الله أمرهم بالقتل والسّبي في بني قريظة ؛ والجلاء والنّفي في بني النّضير ؛ والجزية والذّلة في نصارى نجران.
قوله تعالى : (صِبْغَةَ اللهِ) ؛ أي دين الله وفطرته ؛ لأن دين الإسلام يؤثر في المتديّن من الطهور والصلاة والوقار وسائر شعائر الإسلام كالصّبغ الذي يكون في الثوب. ولا شيء في الأديان أحسن من دين الإسلام ، قال الله تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً ؛) وقيل : أراد بالصبغة الختان. وروي أنّ صنفا من
__________________
(١) هود / ٨٩.
(٢) في أصل المخطوط : (لن نؤمن بموسى وعيسى ، ولا نؤمن بك). وعلى ما يبدو أنه تصحيف لأنه لا ينسجم ومعتقدهم ، فأثبتناه على النسق الصحيح.
(٣) المائدة / ٥٩.