المخلص). وانتصب حنيفا على القطع عند الكوفيّين ؛ لأن تقديره : بل ملّة إبراهيم الحنيف ، فلما سقطت الألف واللام لم يتبع النكرة المعرفة فانقطع منه ، فنصب. وقال البصريّون : انتصب على الحال.
قوله تعالى : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ) ؛ الآية ، وذلك أنه جاء أحبار اليهود إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقالوا له : بمن نؤمن من الأنبياء؟ فأنزل الله : (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) ؛ يعني القرآن ، (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ) ؛ وهي عشرة صحف ، (وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ) ؛ يعني أولاد يعقوب واحدهم سبط ، سموا بذلك لأنه ولد لكلّ واحد منهم جماعة من الناس ، وسبط الرّجل : حافده ، ومنه قيل للحسن والحسين : سبطين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم. والأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من العرب ؛ والشعوب من العجم ، فكان في الأسباط أنبياء ، فلذلك قال الله تعالى (وَما أُنْزِلَ) إليهم ؛ وقيل : هم بنو يعقوب من صلبه صاروا كلّهم أنبياء.
وقوله تعالى : (وَما أُوتِيَ مُوسى) ؛ يعني التوراة ، (وَعِيسى) ؛ يعني الإنجيل ، (وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (١٣٦) ؛ أي لا نؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعلت اليهود والنصارى ، بل نؤمن بجميع أنبياء الله وكتبه ؛ فلما نزلت هذه الآية قرأها رسول الله صلىاللهعليهوسلم على اليهود والنصارى وقال : [إنّ الله أمرني بهذا] فلما سمعت اليهود بذكر عيسى أنكروا وكفروا وقالوا : لا نؤمن بعيسى. قالت النصارى : إنّ عيسى ليس بمنزلة الأنبياء ولكنه ابن الله ، فأنزل الله تعالى قوله تعالى : (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) ؛ أي فإن آمنوا بجميع ما آمنتم به كإيمانكم. قيل : معناه : فإن آمنوا بما آمنتم به.
و (مثل) هنا صلة ، وهكذا كانوا يقرأونها. كان يقرؤها ابن عباس ويقول : إقرأوا (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) فليس لله مثل. وقيل : بمعنى (على). وقيل : الباء زائدة. ومعنى الآية : إن آمنوا بالله ورسله وكتبه فقد اهتدوا.
وقوله تعالى : (وَإِنْ تَوَلَّوْا) أي وإن أعرضوا عن الإيمان بالقرآن ومحمّد صلىاللهعليهوسلم (فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ) أي خلاف وعداوة ، يقال : فلان وفلان تشاقّا ؛ أي أخذ كلّ