يَعْقُوبَ الْمَوْتُ) ؛ أي أكنتم أيّها اليهود حضورا حين حضر يعقوب الموت ، (إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) ؛ الصادق ، (وَإِسْحاقَ) ؛ الحليم.
والمراد بحضور الموت : حضور أسبابه ؛ لأن من حضره الموت لا يتمكّن من القول ، وقد سمي سبب الشيء باسمه. كما قال تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(١).
وقال الكلبيّ : (معنى الآية : أنّ يعقوب لمّا دخل مصر رأى أهلها يعبدون الأوثان والنّيران ؛ فجمع أولاده وخاف عليهم ذلك. وقال لهم : ما تعبدون من بعدي). وقال عطاء : (إنّ الله تعالى لم يقبض نبيّا حتّى يخيّره بين الحياة والموت ، فلمّا خيّر يعقوب قال : أنظرني حتّى أسأل أولادي وأوصيهم ، فجمع أولاده وأولاد أولاده وقال لهم : قد حضر أجلي ، فما تعبدون من بعدي؟ أي من بعد موتي. (قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ) إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (١٣٣) (٢).
قرأ يحيى بن معمّر : (إله أبيك) على التوحيد ؛ قال : لأنّ إسماعيل عمّ يعقوب لا أبوه. وقرأ العامّة : (وإله آبائك) على الجمع. وقالوا : عمّ الرجل صنو أبيه (٣). وقال النبيّ صلىاللهعليهوسلم للعباس : [هذا بقيّة آبائي] والعرب تسمي العمّ أبا كما تسمّي الخالة أمّا. قال الله تعالى : (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ)(٤) يعني يعقوب وليان ؛ وهي خالة يوسف عليهالسلام.
__________________
(١) الشورى / ٤١.
(٢) على ما يبدو أنه يتأوّل حديث عائشة رضي الله عنها ؛ قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم كثيرا ما أسمعه يقول : [إنّ الله لم يقبض نبيّا حتّى يخيّره]. أخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٦ ص ٢٣٤.
(٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [إنّ عمّ الرّجل صنو أبيه]. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير : ج ١٠ ص ٧٢ : الحديث (٩٩٨٥) وص ٢٩١ : الحديث (١٠٦٩٨) ، وإسنادهما حسن.
(٤) يوسف / ١٠٠.