روي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : [أنا إنّما دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى أخي عيسى](١) يعني قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) وقوله : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(٢) فاستجاب الله دعاء إبراهيم عليهالسلام وبعث فيهم محمّدا سيّد الأنبياء ؛ لذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [إنّي عبد الله وخاتم النّبيّين وإنّ آدم لمنجدل في طينته](٣).
قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ،) هذا تحريض من الله على ملّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم التي هي ملّة إبراهيم ؛ لأنّ إبراهيم وإسماعيل كانا سألا في دعائهما أن يجعل الله من ذريّتهما في مكة رسولا ؛ لأن الكلام كان في ذكر مكة ولم يكن أحد من أهل مكة من ذريّتهما نبيا سوى محمّد صلىاللهعليهوسلم. وملة إبراهيم داخلة في ملة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم مع الزيادات التي في شرائع هذه الملّة.
وسبب نزول هذه الآية : أنّ عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه مسلمة ومهاجر إلى الإسلام ، وقال لهما : قد علمتما أنّ الله تعالى قال في التّوراة : (إنّي باعث من ولد إسماعيل نبيّا اسمه أحمد ، فمن آمن به فقد اهتدى ورشد ؛ ومن لم يؤمن به فملعون) فأسلم مسلمة وأبى مهاجر أن يسلم. فأنزل الله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ)(٤) أي يترك دينه وشريعته.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٤٠٨). والطبراني في المعجم الكبير : ج ٨ ص ١٧٥ : الحديث (٧٧٢٩) عن أبي أمامة. والإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٢٦٢ عن خالد بن معدان. والحاكم في المستدرك : ذكر أخبار سيد المرسلين : الحديث (٤٢٣٠) ؛ وقال : «خالد بن معدان من خيار التابعين ، صحب معاذ بن جبل فمن بعده من الصحابة ، فإذا أسند حديثا إلى الصحابة ، قال : صحيح الإسناد وإن لم يخرجاه».
(٢) الصف / ٦.
(٣) في الدر المنثور : ج ١ ص ٣٣٤ ؛ قال السيوطي : «أخرجه أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل ، عن العرباض بن سارية». وأخرجه الإمام أحمد في المسند : ج ٥ ص ٢٦٢. والطبري في جامع البيان : النص (١٧٠٩). وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : ج ٨ ص ٢٢٣ ؛ قال الهيثمي : «أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد ، وقد وثقه ابن حبان».
(٤) في لباب النقول في أسباب النزول : ج ٢٩ ؛ قال السيوطي : (قال ابن عيينة وذكره).