قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ) ؛ أي وابعث في ذرّيتنا الأمّة المسلمة ؛ أي ذريّة إبراهيم وإسماعيل من أهل مكّة ، (رَسُولاً مِنْهُمْ) أي من أهل نسبهم ، (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ) ؛ أي يقرأ عليهم كتابك ، (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ) ؛ الذي ينزل عليه ومعانيه ، (وَالْحِكْمَةَ) ؛ أي فقه الحلال والحرام.
وقال مجاهد : (فهم القرآن). وقال مقاتل : (هي مواعظ القرآن وبيان الحلال والحرام).
وقال ابن قتيبة : (هي العلم والعمل ، ولا يسمّى الرّجل حكيما حتّى يجمعهما). وقال بعضهم : كلّ حكمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة ؛ وقيل : الحكمة وضع الأشياء في مواضعها. وقيل : هي السّنّة البيّنة.
قوله تعالى : (وَيُزَكِّيهِمْ) ؛ أي يطهّرهم من الكفر والفواحش والدّنس والذنوب. وقيل : يصلحهم بأخذ زكاة أموالهم. وقال ابن كيسان : (أن يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة إذا شهدوا للأنبياء بالبلاغ). قوله تعالى : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١٢٩) ؛ العزيز : هو المنيع الذي لا يغلبه شيء. والحكيم : الذي يحكم ما يريد.
وقال ابن عباس : (العزيز : الّذي لا يوجد مثله) دليله قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(١). وقال الكلبيّ : (العزيز : المنتقم ممّن أساء) دليله قوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ)(٢). وقال الكسائيّ : (العزيز : الغالب) دليله قوله : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ)(٣) أي غلبي. وقال ابن كيسان : (العزيز : الّذي لا يعجزه شيء). وقال المفضّل : (العزيز : الممتنع الّذي لا تناله الأيدي ؛ ولا يردّ له أمر ؛ ولا غالب له فيما أراد). وقيل : العزيز : هو القويّ ذو القدرة ؛ دليله قوله : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ)(٤) أي قوّينا. وأصل العزّة في اللغة : الشّدّة ؛ يقال : عزّ عليّ كذا ؛ إذا شقّ. والمراد بالرسول في هذه الآية محمّد صلىاللهعليهوسلم. وبالكتاب القرآن.
__________________
(١) الشورى / ١١.
(٢) آل عمران / ٤.
(٣) ص / ٢٣.
(٤) يس / ١٤.