بالواو ؛ وهي قراءة ابن مسعود. و (عهدي الظّالمين) بإسكان الياء ؛ وهي قراءة الأعمش وحفص وحمزة. (وعهدي) بفتح الياء ؛ وهي قراءة العامّة.
واختلفوا في هذا العهد. قال عطاء : (رحمتي). وقال الضحّاك : (طاعتي) ودليله قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)(١). وقال السديّ : (بنبوّتي). وقال حذيفة : (أمانتي) ودليله قوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ)(٢). وقال أبو عبيد : (أماني) دليله قوله تعالى : (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ)(٣) وقال السديّ : (ليس للظّالم أن يطاع في ظلمه) (٤).
قوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً ؛) أي جعلنا الكعبة مثابة ؛ أي مرجعا. وقال ابن عباس : (يعني معاذا وملجأ). وقال ابن جبير ومجاهد والضحّاك : (يثوبون إليه من كلّ جانب ، ويحجّونه ، ولا يملّون منه ، فما من أحد قصده إلّا ويتمنّى العود إليه) (٥). وقال قتادة وعكرمة : (مجمعا) (٦). وقال طلحة : (مثابا يحجّون إليه ويثابون عليه). قوله تعالى : (وأمنا) وصف للبيت ؛ والمراد به جميع الحرم ، كما قال : (بالِغَ الْكَعْبَةِ)(٧) والمراد الحرم لا الكعبة ؛ لأنه لا يذبح فيها ولا في المسجد.
ومعنى (وَأَمْناً) أي مأمنا يأمنون فيه. قال ابن عبّاس : (فمن أحدث حدثا خارج الحرم ثمّ لجأ إليه أمن من أن يهاج فيه) أي لم يتعرّض له ، ولكن لا يبالغ ولا يخالط ويوكل به ، فإذا خرج منه أقيم عليه الحدّ فيه. وهذا كانوا يتوارثونه من زمن إسماعيل
__________________
(١) البقرة / ٤٠.
(٢) النحل / ٩١.
(٣) التوبة / ٤. نقله أيضا أبو عبيد الهروي في الغريبين : ج ٤ ص ١٣٤٦.
(٤) في الدر المنثور : ج ١ ص ٢٨٨ ؛ قال السيوطي : «أخرجه عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في الآية ، قال : (ليس لظالم عليك عهد في معصية الله أن تطيعه).».
(٥) في جامع البيان : النص (١٦١٩ و ١٦١٣).
(٦) في جامع البيان : النص (١٦٢٠).
(٧) المائدة / ٩٥.