(ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (١٢٠) ؛ أي ما لك من الله من وليّ ينفعك ويحفظك عن عقابه ، ولا نصير يدفع مضرّة عقابه عنك. وهذا خطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم والمراد به عامّة الناس ؛ مثل قوله (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)(١). وقد علم الله أنه لا يشرك ؛ وهذا كما يقال في المثل : (إيّاك أعني فاسمعي يا جارة).
قوله تعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ؛) قال ابن عباس : (نزلت في أهل السّفينة الّذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب ؛ وكانوا أربعين رجلا ؛ اثنان وثلاثون من الحبشة ؛ وثمانية من رهبان الشّام ؛ منهم بحيرا). وقال الضحّاك : (هم من آمن من اليهود : عبد الله بن سلام ، وشعبة بن عمرو ، وأسيد وأسد ابنا كعب ، وابن يامين ، وعبد الله بن صوريّا). وقال عكرمة : (هم أصحاب رسول الله محمّد صلىاللهعليهوسلم). وقيل : هم المؤمنون عامة.
وقوله تعالى : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) قال الكلبيّ : (يصفونه في كتبهم حقّ صفته لمن سألهم من النّاس) وعلى هذا القول تكون الهاء راجعة إلى محمّد صلىاللهعليهوسلم. وقال بعضهم : هي عائدة إلى الكتاب. واختلفوا في معناه ؛ قال ابن مسعود : (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) أي يحلّلون حلاله ويحرّمون حرامه ويقرأونه كما أنزل ، ولا يحرّفونه عن مواضعه (٢). وقال الحسن : (معناه : يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه ؛ ويكلون علم ما أشكل عليهم إلى عالمه) (٣). وقال مجاهد : (يتّبعونه حقّ اتّباعه) (٤).
قوله تعالى : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) ؛ أي بالقرآن ويقرّون بمحمّد صلىاللهعليهوسلم. قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) ؛ أي بالقرآن ويجحد نبوّة محمّد صلىاللهعليهوسلم ، (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (١٢١) ، وهم كعب بن الأشرف وأصحابه.
__________________
(١) الزمر / ٦٥.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٥٦٥).
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٥٧٢).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٥٧١). وأخرجه من قول ابن عمر رضي الله عنهما : النص (١٥٦٤). وعن ابن عباس رضي الله عنهما : النص (١٥٦٥). وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ٢ ص ٩٥ ؛ قال القرطبي : «روي عن ابن عمر عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وفي إسناده غير واحد من المجهولين فيما ذكره الخطيب ، إلا أن معناه صحيح».