وفيه قراءتان : الجزم على النهي ؛ وهي قراءة نافع وشيبة والأعرج ويعقوب. وقرأ الباقون بالرفع على النّفي ؛ يعني ولست تسأل عنهم. وقرأ أبيّ : (وما تسأل). وقرأ ابن مسعود : (ولن تسأل). والجحيم والجحم والجحمة : معظم الدّار.
قوله تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ؛) وذلك أنّهم كانوا يسألون النّبيّ صلىاللهعليهوسلم الهدنة ويطمّعونه في أن يتّبعوه إن هادنهم ، فأنزل الله هذه الآية. وقيل : كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم حريصا على طلب رضاهم طمعا في أن يرجعوا إلى الحقّ (١). وقيل : كانوا يطلبون من النّبيّ صلىاللهعليهوسلم المسالمة ويطمّعونه في أنّه إن هادنهم أسلموا ؛ فأمر الله النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أن لا يطيعهم ما طلبوا من الهدنة ، وأخبر أنّهم لا يرضون عنه بذلك ، وهم يهود أهل المدينة ونصارى نجران.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : «هذا في القبلة ؛ وذلك أنّ يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلّي النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى قبلتهم ؛ فلمّا صرف الله تعالى القبلة إلى الكعبة ؛ شقّ عليهم وآيسوا منه أن يوافقهم على دينهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) أي دينهم ، وقبلتهم بيت المقدس» (٢).
قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى) ؛ أي الصراط الذي دعا الله إليه ؛ وهو الذي أنت عليه هو صراط الحقّ. قوله تعالى : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) ؛ أي إن اتبعت ملّتهم وصلّيت إلى قبلتهم ، (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ؛ أي بعدما ظهر لك أنّ دين الله الإسلام ؛ وأنّ القبلة قد حوّلت إلى الكعبة ،
__________________
ـ وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر ، عن محمّد بن كعب القرظي. قال : أخرج ابن جرير عن داود بن أبي عاصم : ... وذكره. ثم قال : وهذا مرسل ضعيف الإسناد ، والآخر معضل الإسناد ضعيف لا يقوم به ولا بالذي قبله حجة». أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٥٥٧ و ١٥٥٨) عن محمّد بن كعب القرظي ، وفي النص (١٥٥٩) عن داود بن أبي عاصم ، وشكك في صحة الخبر.
(١) في المخطوط : الخلق.
(٢) في الدر المنثور : ج ١ ص ٢٧٢ ؛ قال السيوطي : «أخرجه الثعلبي عن ابن عباس».