من غناه. وقال الفرّاء : (الواسع : الجواد الّذي يسع عطاؤه كلّ شيء). وقيل : الواسع : الرحيم ؛ دليله (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)(١). وقيل : الواسع : العالم الذي يسع علمه كل شيء. وقال الله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ)(٢). وقوله : (عَلِيمٌ) أي عالم بنيّاتهم حيثما صلّوا ودعوا.
قوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ ؛) نزلت في يهود المدينة حيث قالوا : عزيز ابن الله ، وفي نصارى نجران حيث قالوا : المسيح ابن الله ، وفي مشركي العرب حيث قالوا : الملائكة بنات الله (٣). وقوله : (سُبْحانَهُ ؛) تنزيها نزّه نفسه.
قوله تعالى : (بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؛) عبيد وملك ؛ أي من كان مالك السموات والأرض ؛ فإن الأشياء تضاف إليه من جهة الملك. قوله تعالى : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) (١١٦) ؛ أي مطيعون.
وهذا تأويل لا يستغرق الكلّ ، فيكون لفظ عموم أريد به الخصوص (٤). ثم سلكوا في تخصيصه طريقين ؛ أحدهما : راجع إلى عزير والمسيح والملائكة ، وهذا قول مقاتل. والطريق الثّاني : راجع إلى أهل طاعته دون الناس أجمعين ، وهذا قول ابن عباس والفرّاء. وقال بعضهم : هو عامّ في جميع الخلق.
ثمّ سلكوا في الكفار طريقين ؛ أحدهما : أن ظلالهم تسجد لله وتطيعه ؛ وهو قول مجاهد ؛ ودليله قوله تعالى : (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ)(٥) ، وقال تعالى : (وَظِلالُهُمْ)(٦). والثّاني : قالوا : هذا في القيامة ، قاله السديّ ؛ وتصديقه قوله تعالى : (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ)(٧). وقال عكرمة ومقاتل : (معنى الآية : كلّ له مقرّون بالعبوديّة). وقال ابن كيسان : (قائمون بالشّهادة ، وأصل القنوت (٨)
__________________
(١) الأعراف / ١٥٦.
(٢) البقرة / ٢٥٥.
(٣) في الأصل المخطوط : (العرب بنات الله)
(٤) قاعدة أصولية.
(٥) النحل / ٤٨.
(٦) الرعد / ١٥ : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ).
(٧) طه / ١١١.
(٨) في المخطوط : وأصل الفنون.