وقيل : من خلاص. قال أمية : يدعون بالويل فيها ؛ لا خلاق لهم إلا السرابيل من قطر وأغلال ؛ أي لا خلاص لهم.
قوله تعالى : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ؛) أي باعوا به أنفسهم ؛ حيث اختاروا السحر والكفر على الدين والحقّ. وقيل : لبئس ما باع المستعملون السحر به أنفسهم بعقوبة الآخرة ، (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١٠٢).
وذهب جماعة إلى أن قوله : (ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) عطف على (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) في معنى النفي ، كأنه قال : لم ينزل على الملكين ولكن الشياطين هاروت وماروت وأتباعهما يعلّمان الناس السحر. والغرض من هذه الآية أن بهت اليهود وكذبهم ؛ حملهم على أخذ السحر من الشياطين ، وادّعوا أنّهم أخذوه من سليمان ، وأن ذلك اسم الله الأعظم ليكتسبوا به.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا) ؛ أي لو أن اليهود آمنوا بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن واتّقوا اليهودية والسحر ، (لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ) ؛ أي لكان ثواب الله خيرا لهم من كسبهم بالكفر والسحر. (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١٠٣).
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا) ؛ وذلك أنّ المسلمين كانوا يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : راعنا يا رسول الله ، وارعنا سمعك ، يعنون من المراعاة ؛ وكانت هذه اللفظة شيئا قبيحا باليهودية. قيل : كان معناها عندهم اسمع لا سمعت ؛ فلما سمعها اليهود اغتنموها ؛ وقالوا فيما بينهم : كنّا نسبّ محمّدا سرّا فأعلنوا له الآن بالشّتم ، وكانوا يأتونه ويقولون : راعنا يا محمد ؛ ويضحكون فيما بينهم. فسمعها سعد بن معاذ رضي الله عنه ففطن لها ؛ وكان يعرف لغتهم ، فقال لليهود : عليكم لعنة الله ، والذي نفسي بيده يا معشر اليهود لئن نسمعها من رجل منكم يقولها لرسول الله صلىاللهعليهوسلم لأضربنّ عنقه. قالوا : أولستم تقولونها؟! فأنزل الله هذه الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا) لكيلا تجد اليهود سبيلا إلى سب رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١).
__________________
(١) لباب النقول في أسباب النزول : ص ٢٤ ؛ عزاه السيوطي إلى أبي نعيم أنه أخرجه في دلائل النبوة من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.