قد فعلت ، قالا : هل رأيت شيئا؟ قلت : لا ، قالا : كذبت ، لم تفعلي ارجعي إلى بلادك فلا تكفري. فأبيت. قالا : إذهبي إلى تلك التنور فبولي فيه ، فذهبت فبلت فيه ، فرأيت فارسا مقنّعا بحديد خرج مني حتى ذهب في السماء وغاب عني حتى لم أره ، فجئتهما ، فقلت : قد فعلت ، فقالا لي : ما رأيت؟ قلت : رأيت فارسا مقنّعا بالحديد ، خرج مني فذهب في السماء حتى غاب ، قالا : صدقت ، ذاك إيمانك خرج منك ، إذهبي. فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان سقط في يدي وندمت والله يا أمّ المؤمنين ، ما فعلت شيئا قط ولا أفعله أبدا (١).
قوله تعالى : (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) ، قيل : معناه : فيعمل به السامع ؛ فيكفر بالعمل ؛ فتقع الفرقة بينه وبين زوجته بالردّة ، إذا كانت مسلمة. وقيل : معناه : يسعى بينهما بالنميمة والإغراء والإفشاء وتمويه الباطل لكي يبغض كلّ واحد منهما صاحبه فيفارقه.
قرأ الحسن (بين المرّ) بالتشديد. وقرأ الزهريّ : بضمّ الميم والهمزة. وقرأ الباقون بفتح الميم والهمزة. (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ) ؛ أي بالسحر ، (مِنْ أَحَدٍ) ؛ أي أحدا ؛ وقوله : (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي بعلمه وقضائه ومشيئته.
قوله تعالى : (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) ؛ أي يضرّهم في الآخرة ولا ينفعهم في الدنيا. وقيل : معناه : يضرّهم ولا ينفعهم كلاهما في الآخرة ؛ لأن السّحر كان ينفعهم في دنياهم ، لأنّهم يكتسبون به.
قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمُوا) ؛ أي علمت اليهود ، (لَمَنِ اشْتَراهُ) ؛ أي لمن اختار السحر والكفر على الإيمان ، (ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) ؛ أي من نصيب. وقال الحسن : (من دين ولا وجه عند الله) (٢). وقال ابن عباس : (من قوام) (٣).
__________________
(١) أخرجه ابن جرير الطبري في جامع البيان : النص (١٤٠٩).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٤٢٦) بلفظ : (ليس له دين).
(٣) قوام كل شيء : عماده ونظامه ؛ وما يقيم الإنسان من القوت. وقوام الأمر : ما يقوم به.