الله الزّهرة ، فإنّها فتنت ملكين](١). وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا رأى الزهرة قال : (لا مرحبا ولا أهلا) (٢). وعن ابن عباس : أنّ المرأة التي فتنت هاروت وماروت مسخت ، فهي هذا الكوكب الحمراء. يعني الزّهرة.
وأنكر الآخرون هذا ؛ وقالوا : إن الزهرة من الكواكب السبعة السيارة التي أقسم الله تعالى بها ؛ فقال : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ)(٣) وإنّما المرأة التي فتنت هاروت وماروت كان اسمها زهرة من جمالها ؛ فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم الزهرة ذكر هذه المرأة لموافقة الاسمين ؛ فلعنها. وكذلك سهيل كان رجلا عشّارا باليمن فلما رأى رسول الله صلىاللهعليهوسلم النجم ذكره ؛ فلعنه ؛ والله تعالى أعلم.
قال المفسرون : فلمّا أمسى هاروت وماروت بعدما أصابا الذنب همّا بالصعود إلى السماء فلم تطاوعهما أجنحتهما ، فعلما ما حلّ بهما ، فقصدا إدريس النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فأخبراه بأمرهما وأمراه أن يشفع لهما ؛ وقالا : إنا رأيناك يصعد لك من العبادة مثل ما يصعد لجميع أهل الأرض ، فاشفع لنا إلى ربك؟ ففعل إدريس ؛ فخيّرهما الله تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا ؛ إذ علما أنه ينقطع ، فهما ببابل يعذّبان.
واختلف العلماء في عذابهما ؛ فقال ابن مسعود : (هما معلّقان بشعورهما إلى يوم القيامة). وقال قتادة : (كبلا من أقدامهما إلى أصول أفخاذهما). وقال مجاهد : (أنّ جبّا مليت نارا فجعلا فيها). وقيل : معلقان منكّسان بالسلاسل. وقيل : منكوسان يضربان بسياط الحديد.
وروي أنّ رجلا أراد تعلّم السحر فقصدهما ؛ فوجدهما معلّقين بأرجلهما ؛ مزرقّة أعينهما ؛ مسودّة وجوههما ؛ ليس بين ألسنتهما وبين الماء إلا قدر أربع أصابع وهما معذّبان بالعطش ؛ فلما رأى ذلك هاله مكانهما ؛ فقال : لا إله إلا الله. فلما سمعا كلامه ، قالا : من أنت؟ قال : رجل من الناس. قالوا : ومن أيّ أمّة؟ قال : من أمّة محمد
__________________
(١) أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة : الرقم (٦٤٤). وفي كنز العمال : الرقم (١٨٤٥٧).
(٢) في الدر المنثور : ج ١ ص ٢٣٨ ؛ قال السيوطي : «أخرج سعيد وابن جرير والخطيب في تاريخه».
(٣) التكوير / ١٥.