ركّبت فيهم لارتكبتم ما ارتكبوا. فقالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نعصيك. قال الله تعالى : فاختاروا ملكين من خياركم ؛ أهبطهما إلى الأرض. فاختاروا هاروت وماروت ؛ وكانا من أعبد الملائكة وأصلحهم. فركّب الله فيهما الشهوة وأهبطهما إلى الأرض ؛ وأمرهما أن يحكما بين الناس بالحق ؛ ونهاهما عن الشرك والقتل بغير حقّ والزنا وشرب الخمر ، فكانا يقضيان بين الناس يومهما ، فإذا أمسيا ذكرا اسم الله الأعظم ، وصعد به إلى السماء.
قال قتادة : فما مرّ عليهما شهر حتى افتتنا ، وذلك أنه اختصم إليهما ذات يوم الزّهرة ؛ وكانت من أجمل النساء ، وكانت من أهل فارس ، ملكة في بلدها. فلما رأياها أخذت بقلوبهما فراوداها عن نفسها فأبت وانصرفت ؛ ثمّ عادت في اليوم الثاني ففعلا مثل ذلك ، فأبت وقالت : لا ؛ إلّا أن تعبدوا ما أعبد وتصلّيا لهذا الصنم ؛ وتقتلا النفس ؛ وتشربا الخمر. فقالا : لا سبيل إلى هذا ، فإنّ الله تعالى نهانا عنها ؛ فانصرفت.
ثم عادت في اليوم الثالث ومعها قدح من الخمر وفي أنفسهما من الميل إليها ما فيها ، فراوداها عن نفسها ؛ فعرضت عليهما ما قالت بالأمس فقالا : الصلاة لغير الله عظيم ؛ وقتل النفس عزيز ؛ وأهون الثلاثة شرب الخمر ؛ فشربا فانتشيا ووقعا بالمرأة وزنيا ، فلما فرغا رآهما إنسان فقتلاه. قال الربيع بن أنس : وسجدا للصنم. فمسخ الله عزوجل الزّهرة كوكبا.
وقال السديّ والكلبيّ : إنّهما لمّا قالت لهما : لن تدركاني حتى تخبراني بالذي تصعدان به إلى السماء؟ فقالا : بالاسم الأكبر. فقالت : ما أنتما مدركاني حتى تعلّمانيه؟ قال أحدهما للآخر : علّمها؟! قال : إني أخاف الله. قال الآخر : فأين رحمة الله؟ فعلّماها ذلك فتكلمت به وصعدت إلى السماء ؛ فمسخها الله كوكبا. فعلى قول هؤلاء : هي الزهرة بعينها ، وقيّدوها فقالوا : هي الكوكب الأحمر.
يدلّ على صحة هذا القول ما روي عن عليّ رضي الله عنه قال : [كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إذا رأى سهيلا قال : لعن الله سهيلا إنّه كان عشّارا باليمن ، وإذا رأى الزّهرة قال : لعن