عليكم قتل الأنبياء ، قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٩١) ؛ أي فلم تقتلون أنبياء الله إن كنتم مؤمنين بالتوراة وقد نهيتم فيها عن قتلهم. وقوله (لم) أصله (لما) فحذفت الألف فرقا بين الخبر والاستفهام ؛ كقوله (فيم) و (بم) و (ممّ) و (علام) و (حتّى م).
وقوله عزوجل : (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ) ؛ أي الدّلالات الواضحات والآيات التسع ، (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ) ؛ أي من بعد ذلك إلها (١) ؛ (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) (٩٢) ؛ أي كافرون بالله. وفائدة الآية : أن تكذيب الأنبياء من عادتكم ؛ كما أنّ موسى جاءكم بالبيّنات ثمّ اتّخذتم العجل إلها.
قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ) ؛ أي أخذنا عليكم العهد في التوراة ، (وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ؛) أي الجبل ، (خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ ؛) أي خذوا ما أعطيناكم بجدّ ومواظبة في طاعة الله تعالى. وقوله تعالى :
(وَاسْمَعُوا) ؛ أي اسمعوا ما فيه من حلاله وحرامه ؛ وما تؤمرون به ؛ أي استجيبوا ؛ أطيعوا. سميت الطاعة سمعا ؛ لأنّها سبب الطاعة والإجابة ؛ ومنه قولهم :
سمع الله لمن حمده ؛ أي أجابه. قال الشاعر (٢) :
دعوت الله حتّى خفت أن |
|
لا يكون الله يسمع ما أقول |
أي يجيب.
وقوله تعالى : (قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا ؛) أي سمعنا قولك وعصينا أمرك ولو لا مخافة الجبل ما قبلنا. قالوا ذلك بعدما رفع الجبل عنهم. قوله تعالى : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ؛) أي سقوا في قلوبهم حبّ العجل ، (بِكُفْرِهِمْ ،) وخالطها ذلك كإشراب اللّون ؛ لشدّة الملازمة.
__________________
(١) في المخطوط : (ذلك إلها) ولا ينسجم الشرح مع النص ؛ لأنه سبق بالضمير (الهاء) في (بعده) فاستغنى عن ذكر ذلك. فحذفناه وأثبتناه كما في النص أعلاه.
(٢) ينظر : اللسان : (سمع). والجامع لأحكام القرآن : ج ٣ ص ٣١.