تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١). وقيل : إنّ الله تعالى أنزل التّوراة على موسى جملة واحدة ، وأمره أن يحملها فلم يطق ؛ فبعث الله بكلّ آية ملكا ، فلم يطيقوا حملها ؛ فبعث الله بكلّ حرف ملكا ، فلم يطيقوا ، فخفّفها الله على موسى ، فحملها وعمل بها.
قوله تعالى : (وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ ؛) يعني من إحياء الموتى ؛ وإبراء الأكمه والأبرص ؛ ونزول المائدة. ومعنى (الْبَيِّناتِ) : الدّلالات اللائحات والعلامات الواضحات. وقوله تعالى : (وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ؛) المدّ (آيدناهما) القوة (٢) ؛ أي وأعنّاه بجبريل. خفّف ابن كثير (القدس) وثقّله الآخرون. وهما لغتان مثل (الرعب والسحت). قال السديّ والضحاك وقتادة : (روح القدس : جبريل) (٣). قال الحسن : (القدس : هو الله عزوجل ، وروحه : جبريل عليهالسلام). وأضافه إلى نفسه تكريما وتخصيصا ، نحو : بيت الله ؛ وناقة الله ؛ وعبد الله. وقال السديّ : (القدس : البركة) (٤) وقد أعظم الله تعالى بركة جبريل إذ نزل عامة وحي أنبيائه على لسانه. وتأييد عيسى بجبريل عليهالسلام أنه كان قرينه يسير معه حيثما سار ؛ ورفعه إلى السّماء حين أراد اليهود قتله. وقيل : سمي جبريل روح القدس ؛ لأن بمجيئه يحيي الكفار بالإسلام.
والقدس : الظاهر. وقيل : المبارك. وقال ابن عباس وسعيد بن جبير : (روح القدس : اسم الله الأعظم ، وبه كان يحيي الموتى ؛ ويري النّاس تلك العجائب).
وقال ابن زيد : هو الإنجيل جعله الله روحا كما جعل القرآن لمحمّد روحا. قال الله تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا)(٥).
__________________
(١) الاسراء / ٣٦.
(٢) في المخطوط تصحيف (الما دواء لأيديهما). والصحيح ما أثبتناه إن شاء الله.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٢٢٧ و ١٢٢٨ و ١٢٢٦).
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١٢٣٣).
(٥) الشورى / ٥٢.