تعاونون. والظّهيرة العون ؛ سمي بذلك لإسناده ظهره إلى ظهر صاحبه. وقوله تعالى : (بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) أي بالمعصية والظّلم.
قوله تعالى : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ ؛) متّصل بقوله (وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ) لأن قوله : (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ) داخل في الميثاق. ومعناه : فكّوا أسراكم من غيركم بالفداء. وقرأ السلمي ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر : (أسارى) بالألف ، و (تفدوهم) بغير ألف. وقرأ الحسن : (أسري) بغير ألف ، (تفادوهم) بالألف. وقرأ النخعيّ وطلحة والأعمش وحمزة (أسري تفدوهم) كلاهما بغير ألف. وقرأ شيبة ونافع وعاصم وقتادة والكسائي ويعقوب (أسارى تفادوهم) كلاهما بالألف.
والأسارى : جمع أسير ؛ مثل : مريض ومرضى ، وقريع وقرعى ، وقتيل وقتلى. والأسرى : جمع أسير أيضا ، مثل : سكارى وكسالى. ولا فرق بين الأسارى والأسرى في الصحيح. قال بعضهم : المقيّدون المشدودون أسارى ، والأسرى : هم المأسورون غير المقيدين. قوله تعالى : (تفدوهم) بالمال ، و (تُفادُوهُمْ) أي مفاداة الأسير بالأسير. و (أسرى) في موضع نصب على الحال.
ومعنى الآية ما قال السديّ : (إنّ الله تعالى أخذ على بني إسرائيل في التّوراة أن لا يقتل بعضهم بعضا ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم ؛ وأيّما عبد أو أمة وجدتموه من بني إسرائيل فاشتروه وأعتقوه. وكانت قريظة حلفاء الأوس ، والنّضير حلفاء الخزرج ، وكانوا يقتلون في حرب سمير ؛ فيقاتل بنو قريظة مع حلفائهم ؛ والنّضير مع حلفائهم ، فإذا غلبوا خرّبوا ديارهم وأخرجوهم منها ؛ وإذا أسر رجل من الفريقين كلاهما جمعوا له حتّى يفدوه فيعيّرونهم العرب بذلك ؛ فيقولون : كيف تقاتلونهم وتفدونهم؟ فيقولون : إنّا قد أمرنا أن نفديهم ؛ وحرّم علينا قتالهم. قالوا : فلم تقاتلونهم؟ قالوا : إنّا نستحي أن يستذلّ حلفاؤنا ؛ فذلك حين عيّرهم الله تعالى) (١).
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : ج ١ ص ٥٦٠ : النص (١٢١٣).