والميثاق. وقوله (إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ) هو عبد الله بن سلام وأصحابه. وانتصب (قليلا) على الاستثناء.
وقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ) ؛ أي لا يقتل بعضكم بعضا بغير حقّ ، وإنّما قال ذلك لمعنيين : أحدهما : أن كلّ قوم اجتمعوا على دين واحد فهم كنفس واحدة. والآخر : وهو أن الرجل إذا قتل غيره فكأنّما قتل نفسه لأنه يقاد ويقتصّ منه. وقرأ طلحة بن مصرّف : (لا تسفكون) بضمّ الفاء وهما لغتان ، مثل : يعرشون ويعكفون. وقرأ بعضهم : (لا تسفّكون) بالتّشديد على التكثير.
قوله تعالى : (وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ) ؛ أي لا يخرج بعضكم بعضا من داره ؛ وقوله تعالى : (ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ ؛) أي ثم اعترفتم بأنّ هذا العهد قد أخذ عليكم وعلى آبائكم وأنه حقّ ، (وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) (٨٤) ، اليوم على ذلك يا معشر اليهود.
قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) ؛ أي ثم أنتم يا هؤلاء ؛ فحذف حرف النّداء للاستغناء بدلالة الكلام عليه. كقوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ)(١). وقوله : (تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) قرأ الحسن : (يقتّلون) بالتشديد.
(وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ) ، والآية خطاب ليهود قريظة والنضير ؛ كانت بنو قريظة حلفاء الأوس ؛ وبنو النضير حلفاء الخزرج ، فكان كلّ فريق يقاتل الفريق الآخر وإذا غلبهم قتلهم وسبى ذراريهم وأخرجهم من ديارهم.
قوله تعالى : (تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) ، قرأ أهل الشام وأبو عمرو ويعقوب : (تظّاهرون) بتشديد الظاء ، ومعناه : يتظاهرون ؛ فأدغم التاء في الظاء مثل : (اثَّاقَلْتُمْ) و (ادَّارَكُوا). وقرأ عاصم والأعمش وحمزة وطلحة والحسن والكسائي : (تَظاهَرُونَ) بالتخفيف ؛ حذفوا تاء التفاعل وأبقوا تاء الخطاب مثل قوله تعالى : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ)(٢) و (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ)(٣). وقرأ أبي ومجاهد وقتادة : (تظّهرون) بالتشديد من غير ألف ؛ أي تتظهرون. ومعناهما جميعا واحد :
__________________
(١) الإسراء / ٣.
(٢) المائدة / ٢.
(٣) الصافات / ٢٥.