صفته قرأوا ما كتبوه ؛ فيجدونه مخالفا لصفته فيكذّبونه. وإنّما فعلت اليهود ذلك ؛ لأنّهم خافوا ذهاب ملكهم وزوال رئاستهم حين قدم النبيّ صلىاللهعليهوسلم المدينة ؛ فاحتالوا في تغيير صفته ليمنعوا الناس عن الإيمان به.
والويل : الشّدّة في العذاب. وقيل : الهلاك. وقيل : الخزي ؛ ويكنّى عنه ب (ويس) و (ويح) (١). وقيل : هو واد في جهنّم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يقع إلى قعره. وقيل : يسيل فيه صديد أهل النار. وقيل : لو جعلت فيه جبال الدّنيا لماعت من شدّة حرّه.
وقوله تعالى : (لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ؛) يعني ما كان لهم من المأكلة والهدايا من أغنيائهم ؛ ألحق الله بهم ثلاث ويلات فيما غيّروا من الكتاب. وقوله تعالى : (فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) (٧٩) ؛ أي مما يصيبون من المآكل والهدايا. ولفظ الأيدي للتأكيد كقولهم : مشيت برجلي ؛ ورأيت بعيني. قال الله تعالى : (وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)(٢).
قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ؛) اختلفوا في هذه الأيّام (٣) ما هي؟ قال ابن عبّاس ومجاهد : (قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة واليهود تقول : مدّة الدّنيا سبعة آلاف سنة ؛ وإنّما نعذّب بكلّ ألف سنة يوما واحدا ، ثمّ ينقطع العذاب عنّا بعد سبعة أيّام. فأنزل الله هذه الآية) (٤).
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ٢ ص ٨ ؛ قال القرطبي : «قال الخليل : ولم يسمع على بنائه إلا ويح وويس وويه وويك وويل وويب ؛ وكله يتقارب في المعنى. وقد فرق بينها قوم ؛ وهي مصادر لم تنطق العرب منها بفعل. قال الجرميّ : ومما ينتصب انتصاب المصادر : ويله وعوله وويحه وويسه ؛ فإذا أدخلت اللام رفعت فقلت : ويل له ، وويح له».
(٢) الأنعام / ٣٨.
(٣) في المخطوط (الآيات) ، وهو تصحيف ، والصحيح كما أثبتناه لمقتضى السياق.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان : الرقم (١١٦٤) بإسنادين عن عكرمة عن ابن عباس ؛ وعن مجاهد : الرقم (١١٦٥) بثلاثة أسانيد.