يهودا ، وغيرهم ـ من رؤساء اليهود : (أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ ؛) أي تخبرونهم أنّهم على الحقّ ليكون لهم الحجّة عليكم عند الله في الدنيا والآخرة إذ كنتم مقرّين بصحة أمرهم ولم تتّبعوهم.
وقال الكلبيّ : (معناه : أتحدّثونهم بما قضى الله عليكم في كتابكم أنّ محمّدا حقّ وقوله صدق). ومنه قيل للقاضي : الفتّاح. وقال الكسائيّ : بما بيّنه الله لكم. وقال الواقديّ : بما أنزل الله عليكم ؛ نظيره : (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ)(١) ؛ أي أنزلنا. وقال أبو عبيد والأخفش : (بما منّ الله عليكم وأعطاكم).
قوله تعالى : (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ ؛) أي ليخاصموكم ويحتجّوا بقولكم عليكم عند ربكم. وقال بعضهم : هو أن الرجل من المسلمين يلقى قرينه وصديقه من اليهود فيسأله عن أمر محمّد صلىاللهعليهوسلم فيقول : إنه حقّ وهو نبيّ ؛ فيرجعون إلى رؤسائهم فيلومونهم على ذلك. وقيل : إن كعب بن الأشرف وغيره من رؤساء الكفار كانوا يقولون لعبد الله بن أبي وأصحابه : إذا أقررتم بنبوّة هذا النبيّ وأنّ ذكره في التوراة حقّ ؛ تأكّدت حجته عليكم. وقال مجاهد : (إنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم سبّ يهود بني قريظة ؛ فقال لهم : [يا إخوان القردة والخنازير ، ويا عبدة الطّاغوت] فقال بعضهم لبعض : من أخبر محمّدا بهذا؟ ما سمعه إلّا منكم ؛ أو ما خرج إلّا منكم!) (٢).
وأصل الفتح : فتح المغلق ؛ ثم استعمل في مواضع كثيرة من فتح البلدان ؛ وفتحك على القارئ. وقد يكون الفتح بمعنى الحكم ؛ كما في هذه الآية ومنه قوله : (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا)(٣). ويسمّى القاضي : الفاتح بلغة عثمان. وقد يكون الفتح بمعنى النّصر مثل قوله تعالى : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا)(٤) أي يطلبون النّصرة عليهم. وقوله تعالى : (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٧٦) ؛ أي أفليس لكم ذهن الإنسانيّة.
__________________
(١) الأعراف / ٩٦.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (١١١٣).
(٣) الأعراف / ٨٩.
(٤) البقرة / ٨٩.